> ثنائية القتل والدمار
عادل عبدالإله العصار
سواء جاء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن تحت مسمى “عاصفة الحزم” أو تحت مسمى”إعادة الأمل” أو حتى تحت مسمى “ورود الحب” فإن العدوان يظل عدوانا ويظل آل سعود كعهدهم القديم الجديد لا يجيدون غير الحقد والعدوان منذ الولادة غير الشرعية للكيان التوسعي في زمن الملك المؤسس وحتى شيخوخة الأحقاد في زمن سلمان..
في السادس والعشرين من مارس 2015م فوجئ الشعب اليمني بإعلان السعودية شن الحرب على اليمن وبدء عملية “عاصفة الحزم” ورغم أن العاصفة جاءت لتحاكي ما شهدته المنطقة من حروب كـ”عاصفة الصحراء” من قبل الولايات المتحدة ودول التحالف على العراق و “عناقيد الغضب” التي شنها الكيان الصهيوني على لبنان، إلا أن السعودية وبتأييد ومشاركة خليجية وعربية منحت عدوانها على اليمن شرعية الدفاع عن الشرعية واعتبرت تدخلها وعدوانها على اليمن واليمنيين أمرا مشروعا وواجبا دينيا لمساعدة وإنقاذ الشعب اليمني بعد أن فقدت الثقة في تمرير أجندتها ضمن الحلول السياسية, وتحت هذه المعاني المغلفة بالكثير من المغالطات أعلنت عن الأهداف الرئيسية التي قامت على أساسها ومن اجلها “عاصفة الحزم” والمتمثلة في الدفاع عن شرعية الرئيس المستقيل هادي وحكومة بحاح المستقيلة أيضا والقضاء على الانقلابيين وإخراجهم من مؤسسات الدولة ونزع أسلحة المليشيات وإخراج انصار الله من العاصمة صنعاء ومدينة عدن وإعادة الفرقاء اليمنيين إلى طاولة الحوار وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني..
والأغرب من كل ذلك مخاوف السعودية ودول الخليج من التوسع الإيراني والتمدد الشيعي في اليمن والسيطرة على باب المندب والخوف من أن يؤدي التدهور السياسي الى ظهور “داعش” وزيادة سطوة الجماعات “الإرهابية” الأمر الذي يشكل تهديدا للأمن القومي العربي وتهديداً الملاحة الدولية..
البحث عن الشرعية
بعد بدء العملية العسكرية اتجهت السعودية وشركاؤها في عاصفة العدوان للبحث عن الغطاء القانوني والشرعية السياسية للعملية العسكرية التي حرصت السعودية على إقناع العالم بأنها وليدة الأحداث وأن السعودية لم تخطط لها مسبقا أو تنوي الإقدام عليها، وهو الأمر الذي يؤكد تناقضها السياسي إذا ما راجعنا تصريحات السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب انطلاق العدوان بساعات والذي أشار فيه إلى أن القيادة السعودية أطلعت واشنطن وناقشت معها العملية العسكرية قبل ثلاثة أشهر من بدء شن الحرب على اليمن أي قبل أن يقدم الرئيس هادي استقالته ويفقد شرعيته..
بعد يومين من العدوان انعقدت القمة العربية في شرم الشيخ ولأول مرة في تاريخ الجامعة -التي تم ترويضها خليجيا- أصبح للأمة العربية أمن قومي وقضية محورية تستدعي وحدة الصف العربي..
في شرم الشيخ حققت السعودية نجاحا سياسيا يحسب لوزارة المالية وليس للخارجية ودبلوماسيتها التي ظلت تعيش حالات من التوهان والتخبط والسقوط السياسي والعسكري والأخلاقي..
نجحت السعودية في انتزاع غطاء سياسي عربي لعدوانها على اليمن الذي تحول من عاصفة سعودية خليجية إلى تحالف عربي وبمشاركة عسكرية عربية ودعم أمريكي وبريطاني وترحيب ومباركة إسرائيلية وهو الحلف الذي سرعان ما سقطت عروبيته بعد انضمام دول غير عربية وجيوش من المرتزقة من مختلف بلدان العالم..
نجاحات السعودية لم تتوقف عند حدود بورصة الجامعة العربية بل تجاوزتها إلى ما هو ابعد من ذلك حيث تمكنت من تحويل الأمم المتحدة وكل منظماتها وهيئاتها ومجلس الأمن إلى اكبر بورصة شهدها التاريخ وتكللت جهود وزارة ماليتها بإصدار القرار 2216
عاصفة التناقضات..
بعد مرور 27 يوما على بدء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن أعلنت قيادة قوات تحالف العدوان العربي بقيادة السعودية الثلاثاء 21 ابريل وقف عمليات «عاصفة الحزم» في اليمن بعد تحقيقها للأهداف التي انطلقت من أجلها، وبدء عملية «إعادة الأمل» للشعب اليمني، وأكدت على لسان ناطقها الرسمي أن العملية العسكرية “حققت حماية الشرعية وتمكنت من تدمير الأسلحة والصواريخ التي كانت تهدد أمن السعودية والدول المجاورة”.
وفي الوقت الذي كان فيه أحمد عسيري قد أكد في أول تصريح له أول أيام العدوان ان العملية العسكرية حققت أهدافها عقب انطلاقها مباشرة وتمكنت من السيطرة على الأجواء اليمنية خلال ربع ساعة إلا أن القصف الجوي الذي دشن غاراته باستهداف القواعد العسكرية والمطارات والموانئ والمراكز والمنشآت الحكومية والأحياء السكنية ظل يعاود استهداف وقصف نفس الأهداف التي سبق له استهدافها منذ اليوم الأول وحتى يوم إعلان وقف “عاصفة الحزم” وهو ما بدا واضحا وجليا إذا ما رسمنا خارطة للأهداف التي تحول استهدافها إلى روتين يومي لطائرات العدوان فسنجد أن قائمة الأهداف التي ظلت تتناوب على قصفها انحصرت في مناطق محددة هي مطار صنعاء والقاعدة الجوية وجبل عطان والصباحة وجبل نقم والنهدين ومعسكرات الحفا وضلاع والشرطة العسكرية والأمن المركزي ووزارة الداخلية….و…و….الخ, وهي الأهداف التي ظلت طائرات العدوان تتناوب على استهدافها ليل نهار طيلة الـ27 يوماً التي سبقت إعلان إيقاف ما أسمته بعاصفة الحزم..
أمل العدوان المتجدد
أعلنت السعودية إيقاف عاصفة الحزم التي حققت الأهداف المرسومة لها وبنسبة تتجاوز 85% -حسب احمد عسيري- وبدء عملية «إعادة الأمل» للشعب اليمني، لكن الساعات التالية للإعلان أثبتت أن تغيير المسميات لا يعني بالضرورة تغيير جوهر العدوان, فمع بدء إعلان ما اسماه احمد عسيري بعملية “إعادة الأمل“ بدأت الغارات الجوية وبدأ الجزء الثاني من مسلسل العدوان يسترجع نفس تفاصيل جزئه الاول ولكن هذه المرة بخارطة أكثر اتساعا وأكثر وحشية وهمجية وفي الوقت الذي ظلت فيه الأهداف السابقة على موعد مع القصف اتجهت الغارات اتجاها آخر وتحولت الخارطة اليمنية بمدنها وقراها وسواحلها وجبالها إلى مسرح عمليات عسكرية واسعة النطاق الأمر الذي يؤكد أن العدوان السعودي على اليمن يتجاوز الأهداف المزعومة والتي تحولت إلى غطاء للأحقاد السعودية والأهداف الحقيقية المتمثلة في استهداف تدمير اليمن وإضعافه سياسيا واقتصاديا وعسكريا….