صدام عبد الواسع المخلافي
في صبيحة أحد الأيام من شهر مارس الجاري انطلقت مع رفقة من أصدقائي ممن أحبهم كثيرا صوب معلم تاريخي وحضاري فريد من معالم دولتنا العريقة الأزلية التي تمتد جذورها إلى عقود وقرون كثيرة من الزمن، هذا المعلم الحضاري الأصيل لطالما تغزل بحسنه الشعراء وتفنن في سرد ماضيه الأدباء والمؤرخين.
إنه دار الحجر العريق، الذي يبين للباحثين مدى عظمة هذا الإنسان اليمني منذ القدم.
وأمام هذا القصر الجميل والعجيب وقفت مشدوها في أول زيارة لهذا الدار الحصين وتبادر إلى ذهني الكثير والكثير من التساؤلات منها، كيف استطاع الإنسان اليمني أن يرسم هذه الصورة الهندسية البديعة في زمن كانت الحياة بدائية في كل وسائلها…؟
وكم من الوقت استغرقه المشيدون آنذاك لكي يخلدوا هذا الصرح الشاهق الذي أدهش الجميع؟
وما هي إلا لحظات حتى بدأت أدرك واستوعب ما كان يحيرني ويجعلني أتساءل بل ووجدت بعض من تلك الإجابات لأسئلتي فقد كانت عظمة الإنسان اليمني العظيم، الذي بذل كل ما بوسعه ليخلد وطنه فيرسم ذلك الخلود بجمال الفن المعماري الأصيل.
وتذكرت أيضا مدى الحب الذي حمله القدامى لوطنهم، وكيف كانت علاقة الإنسان اليمني القديم بوطنه علاقة عشق أزلية وخلاص يتجليان في أزهى معانيها.
طفنا في أرجاء الدار فلم نترك شبراً واحداً إلا وتأملنا فيه ومكثنا لدقائق نستوعب مفردات الإبداع والجمال الكامنة فيه، تفقدنا كل شيء فوجدنا التحدي والإتقان والفن كلها منتشرة في كافة جدران ومكونات وزوايا الدار والاندهاش لم يفارق وجوه الزائرين.
دائما ما أصعبها لحظات الفراق التي تبعدنا عن مكان أحببناه وعشقناه إلى درجة كبيرة جدا لم نكن نتوقعها، فعندما أردنا العودة إلى نقطة الانطلاق، تحركت بنا السيارة ولا زلت أرقب الدار بالمرآة اليمنى للسيارة..
وكنت أقول في نفسي حينها كيف لو علم أجدادنا القدامى الذين عشقوا الأرض والإنسان أن أحفادهم يدمرون معالم ومدنا تاريخية تعبوا كثيرا في تشييدها وبحب كبير ويطمسون معالم أصالتها الأزلية.
فهلا عدنا يا معشر اليمانيين لنكمل قصة عشق أجدادنا مع هذه الأرض الحسناء الطيبة.
اليمن تنتظركم فلبوا النداء.
دمتم ودام وطننا العريق بخير.