فيلم ( سقوط لندن ) اراد تسويق العدوان على اليمن فانقلب السحر على الساحر
الثورة/ وليد المشيرعي
هل أصبح اليمنييون يخيفون العالم إلى هذا الحد أم ان المال السعودي نجح في التسلل الى كواليس هوليوود وافسدها كما افسد ساسة البيت الابيض الفاسدين أصلاً؟
هذا السؤال تبادر الى ذهني بعد مشاهدة فيلم London Has Fallen سقوط لندن
الفيلم من فئة الأكشن والمغامرة التي اشتهرت بها السينما الامريكية حيث البطل يقضي على جيش من الاشرار بمسدسه الشخصي خلال90 دقيقة فيفرح المشاهدون وتمتلئ جيوب المنتج ويحقق الممول هدفه الحقيقي بوضع صورة نموذجية في ذهنية المتلقي عن من هو (الخير) ومن هو (الشرير)!
في فيلم (سقوط لندن ) الخير هو الامير مقرن الذي سافر الي لندن ليشارك في جنازة رئيس الحكومة البريطاني اما الشرير فهو الزعيم اليمني الذي يقبع في صنعاء القديمة ويرسل ابنه (كمران) مع مجاميع من المسلحين لتدمير لندن !!
الرسالة واضحة وسمجة تشبه كثيراً عناوين قناة الحدث وغيرها من ابواق التحالف العربي لتدمير اليمن ،،
ليس من المهم استعراض تفاصيل الفيلم الساقط من كل النواحي الفنية والدرامية والذي صعد بقدرة خفية الى مصاف الافلام الاكثر ايراداً في شباك تذاكر السينما لكن الذي ينبغي علينا ادراكه هو خطر الرسالة التي يقدمها وعنوانها (اليمن تستحق مايصيبها من تدمير)!
منذ البداية توخى منتجو الفيلم ومخرجه الايراني الاصل ذو الجنسية السويدية باباك النجيفى توفير اقصى درجة من عوامل النجاح الجماهيري حيث حشدوا الكثير من الأسماء اللامعة ونجوم الدراما السينمائية الذين وجدوا انفسهم في ادوار لاتليق بتاريخهم .
الفيلم من بطولة (آرون إيكهارت) الذي يقوم بدور رئيس الولايات الامريكية المتحدة وليس من الهين ان تسمح ادارة البيت الابيض لأي كان بأداء هذا الدور فالمسألة فيها تصاريح ورخص وضوء أخضر لا يناله الا العارفون .
(مورغان فريمان) النجم الامريكي الاسود الحائز على عدة جوائز أوسكار وصاحب التاريخ الحافل بالأعمال التي تركت بصمة واضحة في الفن السابع يقوم بدور نائب الرئيس وهو لم ينبس بغير خمس عبارات على امتداد شريط الفيلم وكلها خالية من أي نكهة للأداء المبدع الذي اشتهر به وبما يزيد تساؤلاتنا المشروعة عن سبب قبوله دوراً كهذا ان لم يكن غير المال والمال فقط !
البطولة الأكشن كانت من نصيب (جيرارد بتلر) الذي يقوم بدور الحارس الشخصي للرئيس الامريكي وهو في الفيلم شخص رومانسي ودود ورقيق مع اسرته الصغيرة لكنه (مايرحمش) في مواجهة الأشرار .. الاشرار بالمناسبة هم الممثل الاسرائيلي الون مونى اوبوطبول الذي يقوم بدور الزعيم الارهابي أمير برقاوي الذي يتسكع في أزقة صنعاء بجهاز لابتوب وتلفون ثريا !! اما ابنه (كمران) فهو الممثل الفلسطيني وليد زعيتر !!
ومعهم مجاميع من القتلة وسائقي الموترات قام بأدوارهم ممثلون باكستانيون ملتحون ملأوا عيونهم بالكحل في صورة تقليدية عن القبيلي اليمني وحمدت الله انهم اهملوا اكمال الصورة بمسألة البردقان !!
نأتي الى احداث الفيلم التي تبدأ بقصف طيران سعودي يستهدف قتل الزعيم اليمني خلال حضوره حفل زفاف ابنته ..وأول القصيدة كفر حيث لم يجد المخرج وقتاً لعمل عرس يمني فجعله هندياً !!
لاتضحكوا فهذه هي هوليوود واعاجيبها التي لاتنقضي ،
ينجو الزعيم من القصف فيما تقضي ابنته نحبها فيقرر الانتقام من امريكا واوروبا في وقت واحد !!فكيف كان الانتقام ومن كان الضحية ؟! هذه هي عقدة الفيلم ورسالته .
وفاة مفاجئة لرئيس الوزراء البريطاني تقتضي حضور زعماء العالم لتأبينه (تم حشر اسم الامير مقرن حشراً في الفيلم كواحد من هؤلاء الزعماء ويكاد المريب يقول خذوني) وهنا تستنفر اجهزة المخابرات كل طاقاتها لتأمين لندن ..لندن العاصمة التي يحب المشاهد الامريكي رؤيتها ولايقاوم رغبته في شراء تذكرة فيلم تكون هي مسرح احداثه .
هل مازلتم معي ؟؟
اقول لكم ان حفل تأبين رئيس الوزراء البريطاني كان مجرد طعم وضعه الزعيم اليمني لاصطياد قادة العالم ..حيث انطلقت مجاميعه المسلحة بقيادة ابنه (كمران) لتدمير لندن وقتل الزعماء الاخرين الذين يراهم المشاهد يقتلون واحداً واحداً فيما عدا الأمير مقرن الذي تم حذف مشهد قتله بأوامر من (ممول الفيلم) ربما خوفاً من الفأل السيء !،،
بطبيعة السيناريو فإن البطل لايموت والرئيس الامريكي مع حارسه الشخصي ينجوان من المعركة الرهيبة التي يصاحبها قطع الكهرباء وكل وسائل الاتصال لتتحول لندن الى مدينة اشباح ! وكل ده يطلع منك يا كمران ؟!!
وبكل عنف وقسوة يستعيد الحارس الشخصي زمام المبادرة ويقوم بإبادة المجاميع المسلحة التي حولت لندن إلى انقاض ويقتل (كمران) فيما يلقى (برقاوي الزعيم اليمني) حتفه بقصف جوي في مكان حاول المخرج جاهداً ان يبدو مثل (باب اليمن)!!
لاتسألوا كيف حصل ذلك فأنتم تعرفون افلام الاكشن لكن الاكشن في هذا الفيلم يستحق أن يوصف بالتعاسة اكثر من افلام فريد شوقي وتوفيق الدقن ،،ويكفي ان النقاد منحوه درجة (الطماطم الفاسدة) ونال 117 مراجعة نقدية !
الخلاصة ان فيلم (سقوط لندن) الذي يتصدر قائمة شباك تذاكر السينما يرسل اشارة واضحة ان تدمير اليمن مسألة عادية ومفروغ منها وأن صنعاء مدينة مباحة لأن كل من فيها أشرار يسعون الى تدمير لندن وقتل الأبرياء والمسالمين بما فيهم رئيس أمريكا والأمير مقرن !!
وبالنسبة للأخوة الجالية اليمنية في أمريكا لاأظن ان بمقدورهم توضيح أي شيء عن الفيلم للمواطن الأمريكي اذ انه المستحيل ان تواجه اساطير هوليوود التي تعشق المال وتزور الوعي وتغتال الحقيقة .
من الطريف ان السرية التي احاطت انتاج الفيلم جعلت رسالته مشوشة لدى محاسيب المال السعودي حيث لم يفهموا انه مطبوخ لحساب التحالف العربي لتدمير اليمن وظنوا انه موجه ضد العرب عموماً .. فقاموا بمهاجمته وهم محقون في ذلك عن غير قصد مثل الساعة المعطلة تشير الى الوقت الصحيح مرتين في اليوم الواحد !.