عن قومية “آل سعود” وعروبة ” آل الحريري”..؟!

طه العامري

يتحدث البعض بكثير من السفسطائية الفكرية حول الدور السعودي في المنطقة من حيث الدوافع والأهداف والغايات، ويرى هؤلاء أن الدور (السعودي) يشكل الرد القومي على المشاريع الأخرى التي تهدد الأمن القومي العربي وبالتالي فأن (الرياض) وبما تقوم به هو بدافع حرصها القومي وغايتها هو حماية الأمن القومي العربي؟.
حقاً يؤسفني القول إن من يطرح هذا الطرح يعيش حالة انفصام مركب ويتحدث خارج السياق التاريخي ، بل أجزم أن أصحاب هذه الرؤئة يعيشون خارج دائرة الوعي الجمعي، لأن طرح كهذا هو شكل من أشكال استغباء الآخر المتلقي ، فالرياض لم تكن يوما حاضنة للفعل القومي ولم تتبن يوما هذا الدور ، بل كانت منذ وجدت على يد النظام البريطاني الاستعماري تؤدي دورا مناهضا لكل ما هو قومي وعروبي، وبالتالي فإن أصحاب هذا الطرح يغردون خارج حركة ويقدمون من خلال طرح كهذا تبريرا لسقوطهم الأخلاقي وفشلهم السياسي وتغطية مفضوحة لارتهان نخبوي عربي لمحور النفط والدولار وهو المحور الذي واجه المشروع القومي العربي وتآمر عليه وسعى و?يزل يسعى لوأد فكرة المشروع القومي العربي وطمس كل معالمه وما ينتمي إليه ..!!
يؤسفنا أيضا أن بعض ( القوميين واليسار الماركسي ) وبعد أن ضاقت بهم سبل العيش كان رد فعلهم الارتماء في أحضان عاصمة القوى الرجعية العربية في لحظة سقوط مدوي وفشل ذريع وقعت فيه هذه القوى لدرجة الاستلاب وفقدان بوصلة المسار الذي تسبب به فشل أصحاب هذا الطرح في الوصول إلى السلطة والحكم داخل أقطارها ،فأعطى هذا الفشل مبرراً لارتهان هذه النخبة التي بالمطلق ?تمثل الوعي الجمعي العربي ، فالمواطن العربي البسيط يدرك أن (آل سعود) لم يكونوا يوما حاضنين للعمل القومي العربي بل هم من ضرب كل المشاريع القومية ، تماما كما هم (آل الحريري ) في لبنان الذين لم يكونوا يوما معنيين بالشأن العربي ، لكنهم اليوم يتحدثون عن ( العروبة) وكأنهم حراسها الأوفياء ، وكل هذه المزاعم تأتي في سياق الصراعات السياسية في المنطقة الذي جعل من ( إيران) العدو الأول للعرب والقومية العربية والكيان ( الصهيوني) هو في واقع الفعل حليف استراتيجي للنظام السعودي فيما هو لدى بعض حلفاء الرياض العدو الثاني إلى جانب ( إيران) وسلوك كهذا ?يقبله العقل و? ينسجم مع المنطق العقلي والفكري والثقافي المخزون في الذاكرة الجمعية العربية..
نعم هناك صراع سياسي في المنطقة وداخل كل قطر عربي وهو صراع على السلطة والثروة والحكم، وفي هذا الصراع وظف أطرافه كل الوسائل والأدوات الشاذة التي سخرت لتحقيق أهداف سياسية رخيصة ،? تستحق التضحية بالوعي الجمعي وحقائق التاريخ والجغرافية من أجل سلطة أو حكم ..!!
آل سعود لم ولن يكونوا يوما دعاة فكر قومي ولن يكونوا يوما حراسا للأمن القومي العربي إذا أدركنا أن هذا النظام (الوهابي) لا يؤمن بالفكر القومي و? يعترف بالعروبة وهو أقرب للمشروع الصهيوني ومكمل له في الفعل والموقف وحارس أمين لهذا الكيان بحكم حقائق التاريخ التي تعطينا مسار هذا النظام منذ قامت بريطانيا بإنشاء كيان آل سعود ورسمت له دوراً عضوياً يؤديه في سياق الصراع الوجودي العربي مع الكيان الصهيوني وليس الرئيس جمال عبد الناصر وتجربته عنا ببعيد..

قد يعجبك ايضا