مِن واقع الحياة … فضلت الانتحار على العيش في جحيم الزوج

 

 

الثورة/ عادل بشر

يعمد بعض الآباء الى الاضرار بأبنائهم والدفع بهم دون شعور الى التهلكة معتقدين انهم بذلك سيسعدونهم ويأمنون عليهم من غدر الزمان، خصوصاً الفتيات، فما أن تبدأ علامات البلوغ تظهر على أي فتاة حتى يبدأ القلق لدى والديها فيما يتعلق بمسألة الزواج والسترة فتجد البعض يقبلون بأول شخص يطرق باب منزلهم طالباً يد ابنتهم.
في هذا العدد نستعرض مأساة طفلة أصبحت أماً لطفل آخر قبل أن تبلغ السنة الـ17 من عمرها، لم تستطع هذه الطفلة «الزوجة» تحمل سياط زوجها وضربه لها بسبب مشاكلها مع زوجته الأولى ففضلت الموت انتحارا على العيش في عذاب.. فإلى التفاصيل:
«أمل»إحدى ضحايا ظاهرة الزواج المبكر المنتشرة في مجتمعنا فقد وجدت نفسها عروسا تزف وهي ما زالت في الـ15 من عمرها لا تعي من أمور الحياة ومسؤوليات الزواج شيئاً.
عاشت «أمل»طفولتها في براءة وسعادة لا توصف ونالت من رعاية الأسرة ما ناله بقية الأبناء إخوانها فدخلت المدرسة وهي تحلم بأن تصبح في المستقبل طبيبة بحجم الدنيا فتفوقت في دراستها وتنقلت بين صوف التعليم حتى بلغت الصف الثالث الإعدادي.
لم تكن «أمل»تعلم أنها لن تستطيع إكمال دراستها وتحقيق حلمها المنتظر، وان الصف التاسع هو آخر محطة دراسية لها فقد حدث أن تقدم لخطبتها رجل بعمر والدها متزوج وله أبناء من الزوجة الأولى وأراد أن يجدد شبابه مع هذه المسكينة التي لم تجد مفرا للنجاة من هذه الكارثة بسبب قبول والدها طلب الرجل وإصراره على تزويجها به.
تركت «أمل»لعبها ودفاترها وأحلامها الجميلة لتستمع إلى وصايا والدتها كيف تصبح امرأة وزوجة كاملة في خمسة أيام، ورضخت لقدرها المحتوم فزفت إلى بيت الزوجية وشمعتها الـ15 لم تنطفئ بعد.
بين ليلة وضحاها وجدت الفتاة نفسها مسؤولة عن راحة زوجها الذي يكبرها بسنوات عديدة والذي اخبرها منذ ليلة الدخلة انه لم يتزوجها إلا بغية الحصول على الراحة و استعادة أيام الشباب قبل أن يصل قطار العمر الى محطته الأخيرة.
بعد عام واحد من الزفاف وضعت «أمل»مولودها البكر لتصبح بذلك أما مسؤولة عن رعاية وتربية طفلها التربية الحسنة في الوقت الذي ما زالت زميلاتها في المدرسة لا يعرفن شيئا عن مصطلح الأمومة.
لم يف الزوج بتعهداته للزوجة الجديدة «أمل»بأنها ستكون المفضلة لديه عن أبنائه وزوجته الأولى بل حتى عن نفسه فعلى العكس من ذلك تماما كان هذا الزوج يقدم الاولى على الأخيرة في كل شيئ لدرجة أنها- أي الزوجة القديمة- كانت تتحكم في علاقة الزوج مع الزوجة الجديدة وساعات بقائه معها .
مع الأيام وجدت «أمل»نفسها مجرد خادمة لدى زوج لا يرحم وضرة متسلطة فكانت المشاكل اليومية هي القاسم المشترك بين الزوجتين وكثيرا ما كانت تنتهي لصالح الزوجة الأولى بسبب تحيز الزوج لها وكثيرا ما كانت تؤدي إلى تعرض «أمل»للضرب على يد الزوج.
مضت الأيام وشارفت السنة الثانية بعد الزفاف على بلوغ النصف عندما شعرت «أمل»بجنين جديد يتحرك في بطنها ومع استمرار المشاكل بينها وبين ضرتها والضرب المستمر الذي تتعرض له من قبل زوجها لم تستطع التحمل أكثر فلجأت إلى أسرتها طالبة منهم وضع حد لمعاناتها مع زوجها العجوز وزوجته القذرة ولكن والدها لم يع بعد مقدار الجرم الذي ارتكبه بدءا بتزويج ابنته قبل بلوغها السن الصالح للزواج، وأمرها بالعودة إلى بيت زوجها، قائلاً لها إن المرأة ليس لها سوى زوجها ، وتناسى انها ما زالت في سنوات الطفولة.
عادت «أمل»الى عش الزوجية تجر أذيال الخيبة والألم وكانت المشاكل وصميل الزوج في الانتظار كالعادة، الأمر الذي دفعها الى التفكير في إنهاء معاناتها بنفسها ولم تجد غير الموت سبيلا للخلاص من جميع المآسي والآلام التي تتجرعها بشكل يومي أثناء عيشها مع هذا الرجل وزوجته.
ظلت فكرة الموت مسيطرة على المسكينة «أمل»وكانت في كل مرة تحاول فيهاالانتحار تتراجع عن التنفيذ خوفا من عقاب الخالق جل وعلا، وأملا في أن الأيام القادمة ستكون أفضل، إلا أن شيئا لم يتغير وكل يوم يمر كان أسوا
من ذي قبله حتى جاء اليوم الذي قررت الفتاة إنهاء هذا العذاب والرحيل من هذه الدنيا التي لم يعد للفرح فيها مكان.
في ذلك اليوم نشبت مشكلة بسيطة بين «أمل»وضرتها في غياب الزوج وعندما عاد بعد أن هدأت الأمور أخبرته الزوجة الأولى بما حدث بينهما فاخذ الزوج العصا وانهال بها على الزوجة الثانية واتى بها على كل مكان في جسدها الغض، فلم تستطع الصبر وتحمل العذاب أكثر وقامت بأخذ علبة مليئة بمادة السم مخصصة لقتل الحشرات وحاولت تناول ما بداخلها لكن الزوج منعها من إتمام العملية فحملت الفتاة قنينة السم وهربت الى بيت الجيران وهناك افرغت كامل محتوى علبة السم في جوفها وبعد ذلك تم نقلها مباشرة إلى احد المستشفيات لكنها فارقت الحياة في وقت سريع لأن كمية السم كانت كبيرة وكفيلة بانتزاعها روحها ، وبذلك انهت «أمل»حياتها فرحلت وفي بطنها جنين وخلفها طفل في الشهر السادس من العمر وكل ذلك حدث ولم تبلغ الفتاة بعد الـ18 من عمرها.
أثناء التحقيق مع الزوج اعترف بأن انتحار «أمل»كان بسبب المشاكل المستمرة بينها وبين الزوجة الأولى والتي كانت تؤدي إلى تعرض الزوجة المنتحرة للضرب من قبل الزوج باستمرار.

قد يعجبك ايضا