ن …..والقلم … الدب الروسي …برافو

عبد الرحمن بجاش
يتميز الدب الروسي بلونه الأبيض, جثته الضخمة تعطيك انطباعا ببطء حركته, عند أول سانحة تكتشف أنه سريع الحركة, رشيقها, لقد أثبت بوتين طفل الصدفة الأقوى, والحظ الأكثر تميزا, أنه قيصر كبير, لا يختلف عن القياصرة الكبار الذين ما يزالون في ذاكرة روسيا العظمى, روسيا الجديدة العائدة بكبريائها وتاريخ من المجد يبدأ من أسطول الشمال وينتهي ربما في قاعدة حيميم . سريع الحركة هو الدب الأبيض, دخل إلى سوريا وغير قواعد اللعبة, وفرض نفسه لا عبا رئيسيا إلى جانب (( الحمار )) الأنيق, فلما سوى أرضية الملعب وهيأ اللحظة للقبول بالعودة إلى طاولة المفاوضات خرج سريعا, يبدو أن عينيه تذهبان هناك إلى الكوريتين !! . وبالمقابل كان اوباما يصف الدب الأبيض بـ(( المهذب )), بمنطق الشخصنه فلا يمكن  لك أن تصف الطرف الآخر في أي صراع بالتهذيب إلا إذا كنت مجنونا أو شجاعا, كان اوباما الذي أنا من أشد المعجبين به رئيسا استثنائيا يصف منافسه في تسيد قمة العالم بالتهذيب !!, مسألة لا يمكن أن يقبل بها السياسي العتيق التقليدي, أو الذي توقف عقله بين قدميه, لكن السياسي البارع من نوع أن تكون رئيسا قادما من المحاماة وهي مهنة تعلمك ماذا تقول ؟ وكيف ؟ هو من يستطيع كبح جماح غيرته الشخصية ويصف خصمه بالمهذب كما وصف اوباما السيد بوتين . لسان حال أي محلل الآن هو أن الروس عرفوا كيف يلعبون, غيروا قواعد اللعبة في سوريا بل وفي المنطقة, كسبوا بأن اقنعوا العالم الآن أن هدفهم إنهاء الصراع الذي يكاد يجر العالم كله إلى أتون النار, وعلى اللاعبين الصغار أن يتعلموا كيف يباغت الدب خصمه, وكيف يلعب, وكيف يغير قواعد السائد والمألوف !! . أتخيل الآن بل هو كذلك أن العالم السياسي يبدو الآن مشدوها يلاحق حركة الدب, يراه ثقيلا جدا, لكنه يتحسس خديه من الصفع السريع !! . الذين قالوا بأن روسيا تستعمر العالم وتقسمه على أساس سايكس بيكو جديد لا يدركون أثر الاتحاد السوفيتي في السياسة الروسية, لم يدركوا ولم يفهموا حركة القرم, التي كانت أكثر الألعاب إدهاشا, حركة سريعة, لعبة سريعة, أفرزت واقعا جديدا, إذ أن بوتين لو لم يلعبها لكان اختنق, الآن سنرى واقعا مغايرا في المنطقة كلها حتى تخومنا, وعلى اللاعبين أن يلاحقوا الكرة الروسية, التي تتجه إلى الخط, وقد يغير لاعبها اتجاهها في آخر لحظة ويسدد من حيث لا يعلمون, من سيلاحق الآخر الآن الروس والأمريكان, لا شك أن أمريكا ما تزال اللاعب الأكبر, لكن عليها من أمس الأول ليلا, أن تدرك أن ثمة لاعباً قوياً وأنيقاً ويعرف كيف يسدد نزل إلى الملعب ويتمتع بلياقة عالية  . يقينا أننا سنرى مرحلة جديدة أما أن يفهمها اللاعبون الإقليميون, أو أن الخسارة ستكون عناوين سياستهم, روسيا ليست قادمة, بل عائدة, عليكم أن تتذكروا بأنها كانت لب الاتحاد السوفيتي, لم تكن إحدى دول البلطيق الصغيرة, بل هي التي تمتد إلى الاسكا وآسيا . السؤال الذي يتشكل الآن : أين العالم سيكون من روسيا ؟ . لله الأمر من قبل ومن بعد .

قد يعجبك ايضا