لمن يسأل “أين الحق” والطرفان يقاتلان باسم الحق !
محمد السقاف
عندما استخلف الله الناس على الأرض جعل فيها متلازمتي النور والظلام والخير والشر والحق والباطل ولأنه تعالى كان يخشى عليهم من الضلال والزيغ وهبهم آلة العقل للتمييز بين الأضداد وفرز النافع والضار ثم إنه من فضله وكرمه من عليهم بالأنبياء والرسل لتعزيز عقولهم في أداء واجبها وإعانتها في إنارة مذهبهم نحو الهدي واجتناب الإنحراف نحو الضلال.
لقد كلف الله الناس بأن يسلكوا طريق الحق القويم وزجرهم عن اتباع الباطل والشهوات وما تمنيهم به الشياطين فلم يتركهم يسيرون عليها إلا وقد أخلى مسؤوليته من ظلمهم وتعذيبهم حتى لا تكون لهم عليه حجة بعد كل هذه البينات يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
من هنا يتضح أن من سيأتي بعد هذا ليحاجج الله يوم القيامة أو يحاجج عباده أنه وقع فريسة للفتنة لن تقبل منه ذريعته لأن الحلال بين، والحرام بين مثله وبينهما فقط أمور متشابهات لا تقود للزيغ والضلال ومفردة الفتنة ليست إلا عذرا واهيا أقبح من الذنب والإثم.. وعلى هذا السياق فإن من مازال يتغابى ويتساءل عن موضع الحق في هذا الزمان بحجة أن كل صف يقاتل باسم الله ويزعم إن الحق في يديه دون غيره رغم كل الشواهد والبراهين الباهرة كالشمس في واضحة السماء ورغم أن أعداء الخير وأعداء الإسلام والإنسانية في الصف الآخر فهو شخص جاحد ومكابر وليس غبيا بتاتا لأن الغباء لا موضع له في هذه المعادلة البسيطة والخالية من الغموض والتعقيد.
وتعالوا معي لنطلع على تاريخ البشرية وسنجد أن الخالق سبحانه دائما وأبدا كان يقدم الحق للناس ويقربه إليهم كالسمك في حوض ماء صغير ومغلق ولكن أكثرهم كانوا ينهون عنه ويئنون ويركضون وراء شهواتهم ويختارون التيه والتخبط في البحار والمحيطات فشبههم الله بأنهم كالأنعام بل هم أضل .. وبالنسبة لهذه الأمة فقد ضرب الله لها كثيرا من الأمثال لكنهم صدوا واستكبروا بسبب انحرافاتهم وتزيين الشيطان لهم الذي أفشلهم في الامتحان كما أفشل قبلهم نفسه وأعرض عن السجود لآدم وكما فعل بعده قوم نوح التي كانت السفينة اختبارهم وقوم صالح الذين امتحنهم الله بناقته وهكذا دواليك وأنت تسافر في مراحل التاريخ نار إبراهيم ونهر جالوت وعصا موسى ومعجزة عيسى وكتاب محمد عليه وعليهم أزكى الصلوات والتسليم .. فبالمعجزات والرسل كان الله تعالى يفرز عباده منهم المخلصين ويطرح الله الحق لتلك الأمم حتى يعطل الحجة عليهم أما بعد سيد الأنبياء والمرسلين وقبله أيضا فقد كان معيار الحق كما ورد عن الصحابة الأخيار وكما جاء في الأثر بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري وورد أيضا عن ابن عمر قولهم “كنا نعرف المنافقين بحبهم أو بغضهم لعلي ابن أبي طالب”.
أما عن السائل عن الحق هذا الزمان الذي نحن فيه فأقول له إن النبي صلوات الله عليه وآله كان صريحا فيه بحديث السفينة وغيره من الأحاديث الصحيحة ولمن مازال في قلبه شك عن موقع الحق واشتبه عليه فليذهب ببصيرته ليتقصى أين يقع الباطل وفي أي صف يلعب دوره .. أي ببساطة يبحث عن أعداء الله من اليهود والنصارى وينظر بنفسه أي طرف من المتقاتلين يؤيدون وأي طرف يقصفون ويبغضون وأظن أن هذا الأمر لا يحتاج إلى كثير من الجهد والعناء أو الحاجة إلى رجاحة العقل وتوقد البصيرة لأنه متاح للجميع بكافة مستوياتهم العلمية والعقلية وأني على يقين أن معيار الحق خصوصا بعد تكالب أولئك الأعداء جميعا على بلدنا أصبح بارزا للعيان وصار معيار الحق واضحا لمن يريد بصدق أن يرى الحق حقا والباطل باطلا ويعرف أي صف يقاتل مع الحق بين ما صنفها “فتنة” وأي صف يقاتل الحق معه.
والمعيار في زماننا الذي ما عاد فيه شك أو جدال هو عداوة ذلك الصف لأمريكا وإسرائيل وعداوة الممللكة السعودية له . هل أنا على حق؟ .. سأقول برغم يقيني أني لست سوى طالب علم باحث عن الحقيقية : الله أعلم .. لكني سأقول بيقين شاهد العيان: نعم أنا على حق.