عن الصراع البائس.. والزمن المفخخ ..!!
عبدالله الصعفاني
كان صراعنا مع بعضنا صراعا بين فساد ومتضررين منه ومزايدين عليه، وكان في الغالب الأعم محصورا بين الكيد الحزبي والإعلامي وما طفح من الرياضة الكلامية، فصار صراعنا بين فقراء وفقراء في الداخل من جهة وبين بعض الداخل مع كل غطرسة الخارج وصلفه واستبساطه للدماء والأرواح.
والمصيبة في تفاصيل المشهد هو الذي نفعله بأنفسنا وبروح التآخي والتضامن والتكافل والوحدة المجتمعية والسياسية بسقوط أخلاقي وقيمي ووطني يسهل اكتشافه مع أول تصفيقة أو تنصيرة للقتل والسحل والعجز الواضح في إضفاء النبل على المواقف الجهوية.
هل في الأمر مبالغة أو تطير مع تواصل كل هذا التدمير وقتل الأبرياء وقطع الطرقات وارتكاب جرائم بشعة وغريبة وتفكيك عرى الأخوة والصداقة وصلة الرحم والنسيج الاجتماعي بالجملة والتجزئة في كل ليل ومع أطراف كل نهار، فضلاً عن تدمير مقدرات وطن وإنجازات شعب.
وهذا الحال البائس من الانفلات الوطني والأخلاقي والقيمي صار من السوء بحيث يلقي بجبال من الاستفهاميات حول الذي تبقى عند قطاع نخبوي واسع من الصفات الوطنية والإنسانية وروح التسامح والأخوة في الله وفي الوطن.
كالجنون الذي يبدأ تقليداً ومحاكاة ، تبادل المشروع – بنجاحاته وخيباته- الحروب مع صاحب المشروع في متواليات غابت عنها الواقعية وساد فيها التمترس خلف ادعاء امتلاك الحقيقة ليصل الأمر حد التعاطي مع الخلافات بسياسة كسر العظم وثقافة شمشون الجبار وهو يهدم المعبد صارخاً ” عليّ وعلى أعدائي ” لنرى الأمر يصل حد تهييج الجنود والضباط مرة وقتلهم مرات دونما سماع لأصوات عقلاء طالما رددوا أيها الفرقاء توقفوا عن اعتناق روح تدمير الآخر بتدمير الذات الشخصية واليمنية في نهاية المطاف.
وأمام العدوان الخارجي وحالة الانفلات والعبث والفوضى يتساءل كل غيور .. هل من سبيل عاقل إلى فسحة تتجاوز رفض حقيقة أن الزمن المفخخ بالصراعات لا يكفي لتصحيح المسارات القاتلة ؟ أليس كافياً تكاثر هذه الاستباحة لدماء اليمنيين وأعراضهم وطغيان كل صاحب فكرة ضلالية متطرفة؟
لقد اتسع الخرق على مرأى ومسمع الراقعين وكل من يعتنقون روح تدمير الذات الوطنية بشرر الطائفية والمناطقية متجاهلين فضيلة العودة ولو متأخراً إلى الكلمة السواء ، وإلى وضع اليد في اليد ثقة بالله وإدراكاً بأن الوطن يتسع للجميع وأن العدوانية أو الإقصاء أو تحريض الغريب أو القريب على القتل إنما يمثل تطرفاً لا يفضي إلا إلى تطرف ودم يفتح المزيد من النزيف والجروح.
في ألمانيا .. خاطب البعض العقل المتطرف بالقول: اشتمني ولكن لا تعرّض حياتي للخطر .. أما نحن فقد جعلنا من الشتم جسورا شيطانية للتوغل في الدماء ، وتأملوا ما يكتب في الإعلام الإليكتروني الجديد .. تأملوا ما يردده الإعلام التقليدي من أمور تفرض السؤال ما الذي بقي من الأخلاق ومن المهنة الإعلامية ؟ وكم يكلف الموقف السياسي والإعلامي في بورصة المقاولات؟
مخيف هذا النشر لثقافة عدمية تفقد عند كل جاهل وعديم روح الانتماء لوطنه وأهله وناسه، على أن من بين ركام التدمير والقتل ما يشفع مواصلة التحذير من اعتقاد أي طرف أن السعي لتدمير الآخر على مفاعلات جهوية غير وطنية إنما يدمر الذات والوطن.