*بجانب اَثاره النفسية والصحية:
تحقيق/ زهور السعيدي
مع دخول العدوان السعودي الأمريكي على اليمن شهره الثاني عشر بدأت تتكشف المزيد من الحقائق المؤلمة عن حجم الآثار والنتائج الكارثية التي لحقت باليمنيين على كافة المستويات الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية والنفسية وخاصة في أوساط الأطفال الذين وجدوا أنفسهم ضحايا لعدوان لا يرحم تسبب بالعديد من الأضرار النفسية الخطيرة قد تلازمم أطفال اليمن منذ الولادة إلى مراحل متقدمة من حياتهم جراء الممارسات الإجرامية التي اقترفها العدوان بنفس الوحشية التي فتكت بالمدنيين ومقومات حياتهم.
شهدت مختلف مناطق اليمن خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية حالات ولادة حوامل لأطفال مشوهين وخاصة في محافظتي صعدة والحديدة اللتين نالتا نصيبا وافرا من غارات طائرات العدوان ولذلك فقد تكررت في هاتين المحافظتين حالات تشوه المواليد.
الدكتورة فتحية الشهابي طبيبة في مركز التوحيد الطبي تؤكد أن «ولادة الكثير من النساء الحوامل لأطفال مشوهين إنما يعود لاستنشاقهن الغازات المنبعثة من صواريخ وقنابل العدوان السعودي ومختلف المتفجرات والأسلحة المحرمة دوليا التي أثبتت منظمات دولية استخدامها من قبل الطيران السعودي في قصف المدن والمناطق السكنية في اليمن».
الأمر لا يتوقف عند هذه الآثار بالنسبة للأطفال وإنما يمتد إلى جوانب متعددة من التأثيرات الخطيرة فبجانب القتل والإصابة التي طالت ألاَف الأطفال اليمنيين كما توضح ذلك الإحصائيات الرسمية، فهناك اَثارٍ نفسية على الأطفال تحديدا والتي يصنفها الدليل التشخيصي الإحصائي لاخصائي الصحة النفسية تحت فئة آثار ما بعد الصدمة.
آثار كارثية
تأخذ هذه الآثار للعدوان أشكالاً متعددة ودرجات مختلفة من الشدة بحسب أخصائيين وتبدأ من الإحساس بالإحباط والقلق إلى الاكتئاب وأشكال أخرى من الأعصاب وقد يصاب بعض الأشخاص بخلل في الوظائف العقلية كالذاكرة أو ضعف التركيز أو الإدراك.
تأثيرات متنوعة
ويؤكد المتخصصون أن «الأطفال يظلون أكثر الفئات الاجتماعية تأثراً بما تخلفه الحروب من آثارٍ نفسية.. وتظهر هذه الآثار في عدة صور» يذكرون ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الفزع الليلي ومعاناة القلق والشعور بعدم الراحة.
والإصابة بحالة «الفوبيا» أو الخوف المرضي من الأصوات والظلام وكذلك الانتكاسة في بعض المهارات التي تم اكتسابها، فيظهر التبول اللاإرادي أو زيادة في التبول إلى جانب ظهور بعض الاضطرابات السلوكية مثل قضم الأظافر والكذب، وظهور مشكلات في الكلام، كالتلعثم أو الفقدان الوظيفي للكلام وكذا حدوث اضطرابات الأكل.
وغير ذلك من الآثار التي يسعى العدوان بتعمده استهداف الأطفال اليمنيين كما يقول سياسيون وأكاديميون من اجل خلق جيل مضطرب غير قادر على القيام بدوره في حياة البلد السياسية والاجتماعية».
ويشير أخصائيو الطب النفسي إلى أن هذه الآثار قد تتحول إلى مشاكل نفسية عميقة خاصة إذا لم يتمكن الأهل أو البيئة المحيطة بهم من احتواء هذه الحالات ومساعدة الطفل على تجاوزها».
آمال تتبدد
ومع تواصل العدوان السعودي الذي أصبح يتعمد استهداف المناطق المدنية والمنازل السكنية ملحقا المزيد من أطفال اليمن إلى سجل الضحايا، فإن «مستقبل الطفولة بات محفوفا بالأخطار» بحسب وصف منظمة رعاية الطفولة الأممية»يونيسيف».
تقول «اليونيسف» كلما استمرت الحرب فإن «آمال وأحلام» أطفال اليمن في المستقبل تتبدد، وتصف الأمم المتحدة وضع الأطفال في اليمن «المساوي» بالمأساوي وان «هناك أعدادا مخيفة من الضحايا الصغار جراء العدوان المستمر».
اتساع هائل
في هذا تقول الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة “ليلى الزروقي” المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة «إن نطاق قتل وتشويه الأطفال قد اتسع بشكل هائل خلال عام 2015».
وتستنكر ليلى زروقي «ارتفاع أعداد الضحايا بين صفوف الأطفال، الأمر الذي يشير إلى فشل أطراف الصراع في التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية واتخاذ إجراءات وقائية لتجنب وقوع الضحايا المدنيين والحد من ذلك.
جرائم العدوان
وبحسب زروقي فإن 73% من وفيات وإصابات الأطفال خلال الربع الثاني من عام 2015 نجمت عن عمليات القصف الجوي» أشارة إلى الغارات التي ينفذها طيران تحالف العدوان السعودي.
تحذيرات عقيمة
لكن التحذيرات والدعوات التي توجهها الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة بشأن الوضع الكارثي للأطفال في اليمن لا تجد أي تفاعل أو اهتمام من قيادة العدوان ولأن تلك المنظمات لا تحمله مسئولية ما يجري بصورة صريحة ومباشرة فإنه يستغل ذلك للإيغال في جرائمه بحق أطفال اليمن .
وتشير تقارير «اليونيسف»إلى أن الحرب على اليمن دمرت الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال، وتحذر من أن «عدد القتلى قد يكون أعلى من الأرقام المعلنة».
ويوضح احد تقارير اليونيسف أن «أكثر من نصف مليون من النساء الحوامل موجودات في المناطق الأكثر تضررا وهن أكثر عرضة للولادة أو مضاعفات الحمل ولا يستطعن الوصول إلى المرافق الطبية».
تقرير المنظمة الأممية للأمومة والطفولة يشدد على أن الأطفال يتحملون العبء الأكبر للصراع في اليمن حيث يتعرضون إما للقتل وإما للإصابة إضافة إلى خطر تعرضهم للأمراض وسوء التغذية والتشريد.
كما حذر التقرير من أن نحو 2.5 مليون طفل معرضون لتهديدات متزايدة من الأمراض وسوء التغذية هذا العام إضافة إلى مليون طفل أصيبوا بأمراض سوء التغذية العام الماضي.
ويقول مسئولون دوليون بان الأساليب الوحشية التي اتبعها التحالف في حربه على اليمن أدىت إلى مقتل المئات من الأطفال الذين كانوا في المدرسة أو في الشارع أو في البيوت كما تسببت تلك الغارات الوحشية في حالات لا تحصى من قتل الأطفال وتشوييهم.
العلاج الأمثل
في المقابل تؤكد الأخصائية النفسية عبير محمد الصنعاني «ضرورة التعامل السليم والرشيد مع الأطفال ضحايا العدوان من الأسرة والبيئة المحيطة ومن دون ذلك فان هذه الآثار ستتحول إلى عاهات مستديمة ومستعصية على العلاج مع مرور الوقت».
موضحة ان «التعامل يتطلّب الكثير من الحرص والدعم لإعادة الطمأنينة إلى الطفل والثقة بالنفس ليتخطى الظروف التي عاشها».
وتحدد الأخصائية عبير على ضرورة الاهتمام بالتربية النفسية والجمالية للطفل وبثقافة الطفل والطفولة مع التركيز على بث كلمات من الحب أو تشتيت فكرهم عن التركيز في الأحداث المروعة خاصة في أوقات الغارات المخيفة في حال وقوعها على مقربة منهم، فهذه اللحظة هي الأهم في حياة الطفل النفسية وكلما تركناه يواجهها وحده يزداد أثرها السلبي بداخله على المدى القريب والبعيد كما يجب اختيار الأسلوب والألفاظ التي يمكن للطفل استيعابها والتجاوب معها .
Next Post