محمد النظاري
وأنا أكتب هذا العمود، تكون الانتخابات قد بدأت في أكثر الاتحادات العالمية شهرة ونفوذا، وفساداً أيضاً.. أعني بذلك مملكة الفيفا التي تدار بالمال ويتسابقون عليها من أجله، ولولاه لما كانت مطمع الجميع.
أن تصبح رئيسا لهذه المؤسسة الرياضية ذات القدرات المالية الضخمة، فمعنى ذلك أنك كشخص لا تقل أهمية عن أي رئيس دولة، بل أنت أكثر أهمية منه، فهو يدير دولته فقط، أما رئيس الفيفا فيدير أكثر من 200 اتحاد وطني يمثلون أوطانهم.
أن تصبح رئيس اتحاد وطني لكرة القدم في إحدى الدول، فهذا يكفيك لإقامة علاقات اجتماعية واقتصادية مع النظراء في دول العالم، خاصة مع تلك التي يترأس فيها أبناء قادتها الهرم الكروي، وهنا يصبح هذا المنصب مغنماً لا مغرماً.. ولكم تخيل إن كان يحدث هذا مع رئاسة الاتحاد الوطني، فما بالنا برئاسة الفيفا.
بالأمس انقسم العرب على أنفسهم، ولا غرابة في ذلك فما تصنعه السياسة تجنيه الرياضة.. فالأمير العربي الأردني، علي بن الحسين، ينافس الشيخ العربي البحريني سلمان آل خليفة، وهم معاً من عرب آسيا.. وبدل توحد جهود العرب لكسب بقية أصوات العالم، اجتهدوا في محاربة بعضهم البعض.
المرشحون الخمسة اليوم سيصعد أحدهم على أنقاض فضائح سلفه بلاتر، والغريب أنهم الخمسة التمسوا بركاته في الفوز، كونه استطاع فعل ذلك في الدورات السابقة، وإذا ما عرفنا أن رائحة الفساد حامت حولها، فهذا يدل على أن البديل يسير في نفس النهج.
مثل كل عربي أتمنى أن يكون الفائز من انتخابات الأمس عربي ، سواءً أكان أردنياً أم بحرينياً، لا فرق عندي في شيئ، ولكن ماذا سيقدم الفارس العربي إن فاز لعالم كرة القدم؟ الإجابة على التساؤل هي من ستقنع المصوتين.
لا ننسى كذلك أن هناك ثلاثة مرشحين هم الفرنسي جيروم شامبين، والسويسري جياني انفاتينوا، والجنوب افريقي توكيو سيكسويل، ولهم كذلك حظوظ لا يمكن الاستهانة بها، وإن كان إبعاد الفرنسي ميشيل بلاتيني بداعي الفساد قد صب في مصلحة الجميع، كونه كان الأكثر حظاً في الفوز في حالة دخوله المنافسة.
مع حصول قطر على حق تنظيم كأس العالم 2022م فإننا قد نشاهد أيضاً عربي لرئاسة الفيفا، وبهذا ستكون هذه هي أفضل سنوات العرب الكروية إن تمكن بن الحسين أو آل خليفة من الفوز.
السؤال المهم ماذا سيحصد بقية العرب من رئاسة أيا منهما للفيفا، إذ يفترض أن يكون هناك مشروع عربي طموح ، ينبغي تطبيقه إن فاز أحدهما.
إن حدث لا قدر الله وخسرا معا، فعلى الاتحادات العربية إعادة تقييم علاقاتها مع نظيراتها في العالم، أو إعادة صياغة اختيار الأفضل والاكتفاء بمرشح واحد فقط، يستند لبرنامج كروي طموح.