قتل ابن أخيه وأحرق جثته طمعاً في ميراث والده

 عادل بشر

لم يتفاجأ الرجل القابع خلف القضبان بحكم الإعدام الذي أصدره في حقه قاضي المحكمة لأن جريمته اكبر مما يتخيله عقل بشر.. فقد تجرد من آدميته وكل مشاعر الإنسانية والرحمة ورقة القلب التي تميز الإنسان عن الحيوانات المفترس، غير أن هذا الشخص فاق أكثر فصائل الوحوش شراسة وإجراما، حين أطبقت يداه على عنق طفل يتيم لتخطف منه روحه التي وهب له الخالق، ولم يكتف هذا الوحش بعملية القتل لمن يعتبر بمثابة الابن له فقام بإحراق جسده الطري حتى لا يفتضح أمره.
تفاصيل الجريمة نستخلصها من اعترافات المجرم في محاضر التحقيق الأمنية والقضائية ونوردها في الأسطر التالية :
حين قدم الطفل أنور إلى الحياة لم يكن يعلم انه لن يدوم طويلا فيها وان القدر يحمل بين كفيه من المفاجآت الكثير والكثير، ولكن هذا الطفل كان اكبر فرحة لوالديه اللذين انتظراه كثيرا فنال من الرعاية والاهتمام خلال الأشهر الأولى من ولادته ما لم ينله طفل من قبل.. اقسم والده أن يجعله سعيدا طوال حياته ولكن القدر لم يمهل الأب حتى يحقق ما يتمناه لولده فمات الأب والطفل أنور مازال في سنوات عمره الأولى وقبيل الوفاة أوصى الأب شقيقه برعاية أنور ومعاملته كأحد أبنائه لأنه لن يجد قلبا احن وأشفق عليه من عمه.
عمل العم بوصية شقيقه وتبنى الطفل الذي لم يكن يعي شيئا عن غياب والده المفاجئ سوى روايات يسمعها من الأهل كلما شده الشوق إلى والده فيسأل عنه ويكون الرد :» هو مسافر في مكان بعيد وسيعود عما قريب» فيظل الطفل منتظرا هذا الغائب متى سياتي ويلتقي به من جديد،  غير أن الحقيقة جاءت معاكسة فالغائب لم يعد وإنما لحق به الطفل بعد زمن قصير.
بعد أن ضم العم « أنور» ابن شقيقه المتوفي إلى رعايته وتبنيه لم يعمل بوصية شقيقه الذي حمله أمانة الاعتناء بالطفل وعدم تركه يشعر باليتم وانكسار الجناح بفقدان من كان سبباً بوجوده في هذه الدنيا، فلم تمض سوى فترة قصيرة على رحيل الأب حتى تغيرت معاملة العم للطفل أنور بشكل كبير وغير متوقع، فأصبح قاسيا معه وكان يعامله بعنف ووحشية دون وضع أي اعتبار لحال الطفل اليتيم من ناحية وعمره الصغير الذي لم يكن يتناسب مع الأعمال التي يكلفه القيام بها من ناحية أخرى.
وتطورت قسوة العم إلى حد ضرب الطفل وتعذيبه لسبب او لغير سبب وكأنه لعبة يتسلى بها بين الحين والأخر حتى أن الكثير من أهالي الحي نصحوه بالرفق بهذا الطفل وتذكيره انه أمانة في رقبته ولكنه -أي العم – أدار ظهره لكل من يحاول نصحه ومنعهم من التدخل في طريقة تربية ابن أخيه، قائلاً لهم :» لن تكونوا أكثر اهتمام به وحنيه عليه مني.. هو الآن صار ابني ويجب أن أربيه بالطريقة المناسبة».
كان أنور آنذاك ما زال في الثامنة من عمره .. لا شيء يستطيع فعله للخلاص من عذاب عمه غير الاستسلام والرضوخ للأمر الواقع، تاركا أمره لله سبحانه وتعالى الذي بيده كل شيء.
في احد الأيام زادت نسبة التوحش لدى العم أكثر من أي وقت مضى، وتجرد من  كل مشاعر الإنسانية وقام بضرب الطفل وتعذيبه حتى شارف على الموت ثم أطبق بيديه على عنقه النحيل وتركها تنتزع منه روحه البريئة دون رأفة أو رحمة لصرخات الطفل واستغاثته وحشرجات صعود الروح.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد .. فبعد أن تأكد من موت الطفل بدا بالبحث عن طريقة للتخلص من الجثة قبل أن ينكشف أمره ففكر بدفنها في مكان بعيد من القرية، إلا أنه خشي افتضاح أمره حين يقوم بالحفر في الأرض فيسمعه احد الأهالي أو المارة في الطريق ويدفعه الفضول إلى إلقاء نظرة ومعرفة ماذا يفعل هذا الشخص، لذلك فقد استغنى عن هذه الفكرة وقاده تفكيره الجهنمي إلى جريمة أخرى ، قام خلالها بتقطيع جسد المجني عليه إلى قطع صغيرة، وأراد ألقائها في شعاب ومناطق مختلفة كل قطعة في مكان بعيد عن القطعة الأخرى وستتكفل الكلاب الشاردة والضباح بإكمال بقية المخطط من خلال التهام تلك القطع وبهذا يختفي أمر الطفل إلى الأبد وسيقوم العم بعد ذلك بإشاعة خبر هروب المجني عليه من المنزل إلى مكان مجهول وسيصدقه الناس لأنهم يعرفون قسوته عليه.
بعد أن قام العم بتقطيع جثة ابن أخيه وهّم بالبدء بعملية إلقاء القطع في مناطق متفرقة، راودته فكرة أخرى أكثر بشاعة من السابقتين وهي حرق الجثة والتخلص منها بسهولة وسرعه، فقام بوضع الجثة المقطعة إلى أجزاء صغيرة داخل أطار سيارة مستعمل ملقاً في مكان بعيد من القرية وصب عليها كمية من البنزين ثم أشعل النار فيها وانطلق وهو مطمئن لنجاح خطته، وبدأ بتطبيق الجزء الاَخر من الخطة وهو إشاعة خبر هروب الطفل من المنزل إلى مكان مجهول، غير أن قدرة الإله شاءت إلا أن تظهر الحقيقة فبعد أيام قليلة من اختفاء الطفل المفاجئ ولأسباب لا يعرفها احد وجد رعاة الأغنام أجزاء من جسده في الجبل فابلغوا الأهالي الذين بدورهم قاموا بإبلاغ  أجهزة الأمن ليتم التحقيق في ذلك ومعرفة أن القاتل هو عم الطفل المجني عليه وأثناء التحقيق معه اعترف بكامل تفاصيل الجريمة، قائلاً بأنه حين قبل بتبني ابن أخيه كان الغرض من ذلك هو السيطرة على ميراث والد الطفل والاستفادة منه لنفسه دون أن يشاركه احد ولو كان هذا الشريك هو الوريث الشرعي لأخيه .. وعبر المجرم عن ندمه الشديد لما اقترفت يداه ملقياً باللوم على «إبليس اللعين» الذي انتزع الرحمة من قلبه وزين له الإقدام على جريمة القتل والتمثيل وحرق جثة طفل لم يتجاوز الثامنة من العمر .. ولكن هذا الندم لم يدفع عنه صفة القاتل ولم يرفع عنه العقاب على الجرم وايضاً لم ينقذه من بندقية عشماوي التي انتظرته على احر من الجرم، بخلاف العقاب الإلهي الذي ستتكفل ملائكة الرحمن بتنفيذه.

قد يعجبك ايضا