((صامطين)) ومن قرح يقرح

محمد خالد عنتر
ناهي يا صامطين ناهي ..
قالها بلهجةٍ ساخرةٍ في وجهي:
يقصد التندر على كلمة “صامدين” التي تنطق دالها طاءاً باللهجة الصنعانية .. والتي وردت في مجمل حديثي معه أثناء نقاشنا عن العدوان السعودي الأمريكي وآثاره على الشعب.
وبكل برود أجبته:
طيب ما تشتي؟
فعلاً وحقاً أعني (ما يشتي) ؟
الجو محاصر .. البر محاط بالمرتزقة .. البحر يفيض بالعملاء ..
ما هو الخيار الآخر الذي يملكه هذا (الظريف) غير الصمود .. أو بطريقةٍ أخرى .. ما الذي سيتغير إن لم يصمد ؟
هل ستتفجر جبال صنعاء كهرباء ؟ أم أن طيران العدوان سيلاحظ أن الأخ (مش صامد) وسينسحب من الأجواء اليمنية.
هل ستتوفر الأدوية في المستشفيات؟ هل ستخرج المياه من جيبه صافيةً دون عيب؟
ما (بيدور) هذا؟
هو لا يملك سوى الصمود الذي يسخر منه ..
أراد ذلك أم لم يرده ..
لكن رغبته الوحيدة هي إيهامنا بأن جنود الشرعية المزعومة سوف يقبلون بالهدايا والزينة مع أول لحظة (مش صمود) منه كي يمطروه بالخدمات والاحتياجات الأساسية ..
يا أخي لا تروح بعيد ..
شوف عدن .. فالشرعية سبق لها أن مرت من هناك بل وعششت وبسطت ..
ستقول ..
نصمد لمن ومن أجل من؟ فيقال لك .. أصمد من أجل وطنك .. فتجيب قائلاً .. البلاد خربوها اللي بيحكموها .. وصنعاء اليوم لا تستحق الصمود لأن من تولوا أمرها شوية عيال (تيييت) ..
أعذار واهية ..
لماذا تتمسك بقرار الصمود حين يكون في وجه من أسميتهم بالحوافيش ولكنك تسخر من مصطلح (الصمود) وتنعته بالوهم الذي يباع للشعب كي يستمر في غيبوبته عندما يكون ضد العدو السعودي ؟
أنت فقط تريد منا أن نسلم الأرض والإنسان للسعودية كي نرضي (دلعك وغنجك) .. ربما لأنك لا تثق بمواقفها معك حين تكون على أرضها وبين جمهورها ..
وتعتقد أنها قد تكون أفضل إن كانت في أرضك وبين جمهورك .. ولكن إن كان ما تعتقده صحيحاً لكانت الضفة الغربية وغزة اليوم كياناً مستقلاً تابعاً لكل التراب الفلسطيني العربي المحتل من قبل الكيان الصهيوني .
وعلى ذكر الموضوع ..
تخيل لو أن فلسطينياً صرح وقال .. نصمد لمن ومن أجل من؟ فيقال له .. أصمد من أجل فلسطين .. فيجيب قائلاً ..
فلسطين يحكمها أوباش .. في الضفة وفي غزة .. في رام الله وفي القدس .. فلماذا نصمد من أجلهم؟
أنت أول من سيسخر منه ويصفه بالبليد والأحمق .. وسترد عليه بكل ثقة:
يا أخي أنت لا تصمد من أجل عباس أو من أجل هنيه .. أنت تصمد من أجل وطنك .. لأنك إن لم تصمد ستنتصر للكيان الصهيوني .. ولن تتغلب على الحكومة التي ترى أنها ظلمتك.
والكيان الصهيوني لن يأتي إليك حاملاً زهور الٌأقحوان بكل رومانسية وهو ماشط مشطة عبدالحليم في فيلم معبودة الجماهير ..
أعود لأكمل حديثي مع الأخ اليمني المش صامد :
أنا صامد .. لأنني أرى في الصمود ثباتٌ ضد العدو ولأن الصمود سلاحٌ نفسيٌ قوي .. وأنت لا تجد أمامك غير الصمود لأن لا خيار لك غيره ..
وإن لم يعجبك كلامي فأخرج الشارع وأصرخ ..
يا ناس يا هوووووه أنا مش صامد .. سمعتوني؟ أنا مش صامد..
وعندما تنتهي تعال وأخبرني ما الذي تغير؟
وكمثال بسيط ..
تخيل أن أمك في العناية المركزة تحتضر .. وقال لك الطبيب (نحن نقوم بكل ما نستطيع ونمنح أمك كل دواءٍ تحتاجه لتكون بخير وسنبذل جهداً مضاعفاً لإنقاذها فلا تقلق .. ما عليك إلا الصبر والصمود والدعاء لأمك بالشفاء والرحمة) ..
ولكنك بكل غضب ترد عليه:
تعبت صبرا .. تعبت صمودا .. تعبت دعاءً .. إلى متى سيبقى الحال هكذا يا دكتور؟ أنا أرفض الصبر والصمود أيها الطبيب.
هل سيجعل هذا الكلام أمك تستفيق من غيبوبتها وتعود معك إلى البيت بكامل صحتها؟
أعجبك أم لم يعجبك نحن صامدون لأن العدو لا يريد لنا أن نصمد .. ولأنك بعلمٍ أو بدون علم تعزز موقف العدو في ذلك .
أما أنت فإن وجدت خياراً آخر غير الصمود فنفذه ولكن ليس بفتح أبواب أرضك للغازي لأنه
عيخرج (المش صمود) من عيونك .

قد يعجبك ايضا