ن … والقلم.. استأذن …. وانصرف ؟! (( 3 ))

عبد الرحمن بجاش
…دعونا نتفق إذا أن هيكل الصحفي الكبير أو كما وصفه أحدهم بـ (( فرعون الصحافة )) لا خلاف على أنه صحفي مهني كبير , لكنه كان بشرا , بل أن محمد الماغوط وصفه بـ (( المنافق )) , شخصيا لا أتفق مع ما قاله الماغوط , لكنني مصر على أن إنساناً يخطئ ويصيب . ربما ما دفع الماغوط لقول ذلك كردة فعل على ما حدث إبان الوحدة بين مصر وسوريا, وما استتبعها من سيطرة للصحفيين الشوام على الصحافة في مصر , خاصة اللبنانيين , فأنت تلاحظ أن الأهرام أسسها لبناني, ودار الهلال, وروز اليوسف, فجاءت أخبار اليوم كمدرسة لها خطها ونهجها كرد على تلك السيطرة , أدى الضغط فيما بعد إلى تأميم الصحافة التي كان أكبر غلطة ليوليو , وأكبر فائدة للبنانيين , حيث عاد سعيد فريحه وأسس دار الصياد التي صارت فيما بعد ربما أكبر دار صحفية صدر عنه الأنوار, وبالتوازي كانت النهار لآل تويني , والحياة لحسين مروه فأنتقل الثقل إلى بيروت, ليوازنها هيكل فيما بعد حين تولى الأهرام, واختط لها نهجا أدى إلى أنه اختط لنفسه خطا لم يحد عنه , فلم يكن هيكل ناصريا بالمعنى الحزبي, بل حافظ على مسافة بينه وبين عبد الناصر الحاكم وليس الإنسان , عبر عنه كقناعة , لكنه لم يكن من رجال الإتحاد الاشتراكي, عبدالناصر لم يكن حزبيا, لأنه نظر إلى الشارع كله على أنه حزبه, وهيكل ظل صحفيا لكي يستطيع أن يحكم على ما يرى ويسمع , فكتب (( لمصر ..لا لعبد الناصر )) , كان هيكل مقتنعا بخط يوليو , ولكن بالحاسة السادسة, وهي مخصصة للصحفي القادر على أن يتبين لنفسه خطا وسط الخطوط !! , قد لا يعجب هذا البعض وخاصة من قبلنا نحن الناصريين , لكن الأمر لا يتعلق حين تقيم ما حدث بقناعتك الشخصية , بل بما آلت إليه الأمور كنتيجة نهائية , استبيان الخط الفاصل أدى إلى أن هيكل وقف مع السادات ضد جماعة علي صبري , لا لشيء إلا لسبب واحد أنه أعتبر عبدالناصر ملكا للجماهير وعبد الناصر أعتبرها حزبه العريض , وهم اعتبروه ملكية خاصة لهم , لكن السادات فيما بعد خذله برغم أنه من كتب التوجيه الاستراتيجي لحرب أكتوبر 73م !!!! , ولأنه صحفي وليس سياسي ولا حزبي فقد ظل كذلك , ولأن دوائر القرار في دول القرار كانت تعرف من هو الرجل , فقد بدأت تنهال عليه العروض من دور النشر الغربية لمعرفتهم أن الرجل لديه ما يقوله ولم يكن بوقا لعبدالناصر وقادر بالتالي على أن يستشف القادم , ولم يستطع السادات ترويضه , لأنه اختط لنفسه الخط الذي يوصله بين نقطتين بسرعة الضوء . ناشره في لندن سعًر الكلمة بثلاثة جنيهات إسترلينية , وعندما كتب (( خريف الغضب )) غضب من يمكن أن نطلق عليهم الساداتيين , لكن الرجل بحدس الصحفي وكم تمكن من الكلمة أقنع سائليه ومنتقديه الذين أخذوا عليه اشارته للون والدة السادات بأنه (( كتبت الكتاب باللغة الإنجليزية موجها إلى القارئ الغربي )) …, ولأنه إنسان وليس سوبرمان ظلت علاقته قوية بجيهان السادات , وكانت له تقديراته الخاطئة مثل توقعه بعدم فوز اوباما بالرئاسة ……لنا تواصل .

قد يعجبك ايضا