في محاربة داعش:واشنطن تختار الأسهل والأقرب إلى الهدف في ليبيا

واشنطن /وكالات
اثبت القصف الأمريكي لمعسكر تدريب تابع لتنظيم داعش في ليبيا أن واشنطن مصممة على مطاردة المتطرفين  حتى خارج معاقلهم في سوريا والعراق، غير انه لا يشير بالضرورة إلى رغبة في التدخل في بلد غارق في الفوضى.
وخلال هذه الغارة الأمريكية التي كانت الثانية على أهداف لتنظيم داعش في ليبيا، قامت طائرات وطائرات بدون طيار أمريكية باكرا صباح الجمعة بتدمير معسكر تدريب للتنظيم الجهادي قرب صبراتة غرب العاصمة الليبية طرابلس، ما أدى إلى مقتل 49 شخصا.
وأوضحت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) التي لم تصدر أي حصيلة، انه بعد أسابيع من عمليات المراقبة تم إحصاء ستين جهاديا يتدربون في هذا المعسكر وبينهم الجهادي الذي شكل الهدف الأول للغارة: نور الدين شوشان الزعيم الميداني لداعش الذي قتل “على الارجح”.
وجاءت هذه الغارة الثانية بعد تعهد الرئيس الأمريكي باراك اوباما الثلاثاء بمنع تنظيم داعش من تثبيت مواقعه وتشكيل قاعدة له في ليبيا، مؤكدا ان بلاده ستتحرك اينما وجد “هدف واضح”.
ويقدر البنتاجون بخمسة آلاف عدد مقاتلي داعش في هذا البلد الذي تعمه الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011م.
لكن قبل اقل من سنة على انتهاء ولايته الأخيرة، فان الرئيس اوباما الذي يواجه انتقادات تأخذ عليه نتائج الحملة ضد المتطرفين التي تخوضها الولايات المتحدة في سوريا، لا يعتزم إرسال قوات برية إلى النزاع في هذا البلد الذي يهدد بالتحول إلى مستنقع.
وقال السفير الأمريكي السابق في العراق كريستوفر هيل الذي يدرس حاليا في جامعة دنفر “لا أرى أي رغبة لدى الولايات المتحدة في العودة إلى ليبيا بصورة دائمة” مشيرا إلى أن الرأي العام غير مؤيد لذلك في مطلق الأحوال، بعد حملة قصف مستمرة منذ 18 شهرا لم تنجح في طرد الجهاديين من سوريا والعراق.
وقال “سنشهد عمليات القصف الجوي هذه بين الحين والآخر حين تسنح الفرصة، لكنني لا أظن أن ذلك يؤشر إلى أي تعهد بعيد الامد في ليبيا مستقبلا”.
ومن المحتمل ان تترافق عمليات القصف مع بعض المهمات الموضعية المحدودة تنفذها فرق كومندوس أمريكية بالتعاون مع شركاء محليين.
وفي ديسمبر اقر البنتاجون بأن مجموعة من عناصر القوات الخاصة الأمريكية أرسلت إلى ليبيا من اجل “تطوير العلاقات” مع القوات الوطنية الليبية، طردت فور وصولها.
وعلق رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الجمهوري ديفين نانز “نأمل ان تشكل عمليات القصف اليوم بداية التزام جديد من إدارة اوباما بوضع ليبيا في صلب استراتيجية شاملة لهزم الحركة الجهادية الدولية”.
الجهاديون يزيدون عديدهم
في وقت يحقق فيه التحالف الدولي نجاحا في سوريا والعراق، ينضم العديد من المقاتلين إلى صفوف تنظيم داعش في ليبيا، ومعظمهم قادم من تونس المجاورة.
ويشتبه بأن نور الدين شوشان يقف خلف الاعتداءين الكبيرين اللذين تبناهما تنظيم داعش في تونس عام 2015 واثارا صدمة كبيرة في الرأي العام الدولي وقد استهدفا متحف باردو في العاصمة في مارس (22 قتيلا) وفندقا قرب مدينة سوسة في يونيو (38 قتيلا).
وقال المتحدث باسم البنتاجون بيتر كوك انه تم استهداف هذا القيادي في تنظيم داعش لأنه كان يخطط مع المقاتلين الآخرين في المعسكر “لهجمات خارجية ضد الولايات المتحدة ومصالح غربية أخرى في المنطقة”.
ورأى مدير برامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جون الترمان ان شن عمليات قصف في ليبيا لا يشكل تغييرا جوهريا في الاستراتيجية العسكرية إذ يبقى المطلوب توجيه رسالة إلى الجهاديين مفادها انه “لا يمكنهم الفوز” بأي شكل من الإشكال وانه يجدر بهم التخلي عن تنظيم داعش.
ويعتبر الخبير أن على الولايات المتحدة ان تركز جهودها من اجل التوصل إلى حل دبلوماسي للازمة العميقة التي تواجهها ليبيا والتي تشكل تربة خصبة لترسخ الجهاديين.
وفي حال لم يتحقق ذلك حذر بأن واشنطن “ستكون لها في نهاية المطاف استراتيجية عسكرية بدل مجهود دبلوماسي فعال لأن المجهود الدبلوماسي يبدو في غاية الصعوبة (بينما) المجهود العسكري أسهل نسبيا”.
وأوضح الترمان ان “الخطر المتزايد هو ان تشكل عمليات القصف ذريعة لعدم تطبيق السياسات القوية الضرورية”.

قد يعجبك ايضا