فبراير مطير !!
ن ……………والقلم
هل تتذكرون ؟ وبالتحديد من عايش صنعاء من وقت مبكر , كان الغيث ينهمر مدرارا ابتداء من فبراير , فلا يأتي شهر مارس إلا والأرض تستعد لتقبل البذار , والتشجير – رحم الله إبراهيم الحمدي وأحمد عبده سعيد وعبد الرحمن نعمان – كان مارس أيضا عيد التشجير , يبدأ بتلقي الأرض أول رسائل الحب (غرس شجرة) , لتخضر الأرض ويزيد الغيث يروي الشعاب وقبلها النفس . كان الإنسان اليمني (أجدادنا تحديدا) يعرفون تفاصيل مواسم البذار والخير كله , يعرفون مواعيد الزراعة من رديس, وبتله , و بذر , وفقح , وتحويض , مواعيد الغيث , وعلامات المواسم أن خيرا فخير , وان مواسم جدب فجدب , كانت جدتي تصعد إلى سقف دارنا تذهب بنظرها إلى الصلو فإذا رأت (البويرق) نزلت جذلة فرحه تأمر نساء الدار بالاستعداد لمطر اليوم التالي الذي لا يكذب خبرا , كان وجه جدتي نعمه رحمها الله يتشكل يوم المطر اخضرارا وعرقوص وفرحة بموسم خير , حبوب تشبع البطون , وحشائش خضراء لحيواناتها من بقر وكباش وحمار جدي والثور الذي بجهده يفض بكارة الأرض لتنتج السنابل والحبوب , كان علامة القرية العم قاسم وفي فصل الشتاء يضع (( الجعنان )) في زاوية من السقف لأيام معدودات , تراه بعدها أما أن يأتي إلى المسجد مبشرا بموسم فائض , أو ترى وجهه وقد اسود فالعلامات لم تنبئ بغيث مدرار وبالتالي فالموسم لن يكون جيدا , في صبر كانوا يتعالمون بموسم مطير من عدمه إذا تركزت الشمس عموديه بين جبلين علامتين لهما , وكان ذلك الرجل البصير في الصلو يقبض حفنة من تراب في لحظة معينه فيأمر أهله بالذهاب إلى الأرض للذري !!! , وكانت أشهر العام الزراعية يعرفها المزارعون , ويدرون كيف يتعاملون مع الأرض !!! .كان الإنسان اليمني في حجه يرمي بالأحجار الصغيرة حول شجيرات البن والغرض أن تبقى التربة تحتها رطبه لا تتبخر بفعل الشمس , وحين أتى أحد الخبراء الزراعيين إلى حجة شهد بأنها من أكثر وسائل الري تطورا . الآن يأتي فبراير وبعده مارس ولا أحد يعير الأمر انتباها وفي الأرياف تحديدا , ضف إلى مصيبة التلفزيون والقات والنوم فلم يعد الإنسان يتعامل مع الأرض بالحنان المطلوب ,لا أحد إلا من تبقى من الكبار لا يعرفون ولا يعلمون عن الأشهر الزراعية شيئا !!! , ضف إلى ذلك وتفتت الملكية الزراعية غياب الإرشاد الزراعي , فترى الناس يخسرون على الذري مرات , ولا يلتزمون بموعد دقيق للحصاد , حصلت تغيرات مناخية لا أحد ينصحهم تبعا لها متى يذرون ومتى يحصدون ما أدى إلى هجران الأرض بل ولم تعد ترى الإنسان عاشقا لها كما كان , فالبقالة حلت محلها !!! , الآن هل يكون فبراير موعدا لبدء الخصب وهل نرى مارسا موسماً للتشجير ؟؟ لله الأمر من قبل ومن بعد .