القاعدة وداعش ومسمار جحا

حسن الوريث

اجتمع وزراء أكثر من 23 دولة في العاصمة الإيطالية روما وذلك لوضع خطط المعركة ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق وبالأخص السيطرة على انتشاره الكبير والمزعج في ليبيا وأيضا مراجعة جهود التحالف الدولي المفترض ضد داعش لاستعادة الأراضي التي استولى عليها في هذه الدول وبحث جهود وقف التمويل وتدفق المقاتلين الأجانب والتصدي لحملته الدعائية على الانترنت.
طبعاً هذا الاجتماع الذي تداعت له هذه الدول التي تشكل ما يسمى بالتحالف الدولي لمحاربة داعش والقاعدة ليس جديداً فهذه الدول وهذا التحالف له أكثر من سنتين وهو يحارب داعش في سوريا والعراق وحشدت له إمكانيات هائلة كما أنه نفذ آلاف الضربات الجوية ضد معاقل التنظيم في الدولتين, لكن الجديد في الموضوع هو إدخال ليبيا كساحة جديدة في الحرب على داعش على اعتبار انه وبحسب تعبيرهم بدأ يشكل قلقاً كبيراً ويتمدد في أماكن جديدة في هذا البلد الذي أصبح ساحة صراع كبيرة بعد أن أسقط الغرب بمساعدة عربية مشبوهة نظام العقيد معمر القذافي وكأن هذه الدول ليست هي من أدخل داعش والقاعدة وكل التنظيمات الإرهابية إلى ليبيا وبتسهيلات كبيرة بالمال والسلاح والعناصر التي جلبوها من كل بلدان العالم بحجة القضاء على نظام القذافي وكأن هذه الدول لم تستشعر خطر هذه الجماعات إلا مؤخراً بعد أن تمدد داعش في مناطق كثيرة في ليبيا وأصبح يشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين كما يروجون له .
وما لفت نظري في هذا الاجتماع هو مكان انعقاده في العاصمة الإيطالية روما وهي الدولة التي كانت تحتل ليبيا وهذه لها دلالات عميقة وكبيرة خاصة مع تصريح وزير الدفاع الإيطالي الذي أكد استعداد بلاده لقيادة الحملة العسكرية ضد داعش في ليبيا وهذا التصريح لم يأت من فراغ بل إن له خلفيات استعمارية وأطماع إيطالية في ليبيا وهذه فرصة ذهبية قلما تتوفر لهذا البلد الذي مازال يراوده حلم السيطرة على ليبيا خاصة أن ليبيا تربض على مخزون هائل من النفط وهذا لوحده يسيل لعاب إيطاليا وغيرها إضافة إلى أن ذلك ربما يأتي في إطار تقاسم الثروات العربية وتوزيعها بين الدول بحيث يكون لكل دولة نصيبها ومنطقة نفوذها كما كان في السابق وما هذه الحرب التي يخطط لها ضد تنظيم داعش وأخواته إلا ذريعة لعودة السيطرة على منطقتنا العربية وثرواتها.
أعتقد جازماً أن ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من فوضى وحروب ونزاعات وصراعات وتفكيك منظم يدخل في إطار خطة الدول الاستعمارية التي تنفذها بأيد عربية إسلامية وبأموالنا نحن العرب الذين وللأسف تسيرنا هذه الدول الاستعمارية كما تشاء ومن المحزن أن هذه التنظيمات التي تم تشكيلها من قبل مخابرات الدول الاستعمارية تعمل تحت اسم الدين الإسلامي وتقتل وترتكب كل الجرائم باسم الدين الإسلامي الذي هو بريء من هؤلاء الذين يتسترون به, كما أن هذه الحرب التي تقول هذه الدول أنها تقودها ضد التنظيمات الإرهابية الإسلامية ليست سوى مسمار جحا للتدخل في بلداننا وتفكيكها وتدميرها ونهب ثرواتها والسيطرة عليها عن طريق تفتيتها إلى كانتونات صغيرة متصارعة فيما بينها ليسهل السيطرة عليها ونشر مثل هذه التنظيمات التي كما قلنا أن هذه الدول هي التي أنشأتها ودعمتها والتاريخ البعيد والقريب يشهد بذلك.
بالتأكيد أنه لابد من صحوة عربية وإسلامية تقف في وجه هذه المخططات التي تحاك ضد أمتنا وشعوبنا وقطع الطريق على هذه الدول التي لا يهمها إلا مصالحها وهي تعمل كل شيء من أجل تحقيقها, ومن المؤسف حقاً أولاً وأخيراً أننا من يساعدها على ذلك بغفلتنا وعدم الوعي بخطورة هذه المخططات التي بدأت تنجح وتؤتي ثمارها من خلال ما يجري في كل بلداننا وجعلنا من هذه التنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة مسمار جحا لتدخل هذه الدول في شؤوننا وتقتلنا وتدمرنا وتنهب ثرواتنا بحجة محاربة الإرهاب الذي هو صنيعتهم بدون أي شك.

قد يعجبك ايضا