مؤتمر المانحين ومحنة اللاجئين !!
أحمد عبدالله الشاوش
حالة من الرعب والفزع تسيطر على الدول الأوروبية التي صار فيها المواطن أكثر ذُعراً ، بعد العمليات الإرهابية في باريس من قبل تنظيمي ” داعش” والقاعدة ومسلسل التهديدات ، مما فرض على أوروبا دق ناقوس الخطر وإعلان حالة الطوارئ الذي رافقها العديد من التجاوزات غير القانونية ، نتيجة لتدفق الأعداد المهولة للاجئين السوريين عبر قوارب وسفن وشاحنات مافيا التهريب.
وفي محاولة للسيطرة على الإعصار السوري وضبط أزمة اللجوء السياسي الذي أثقل كاهل أوروبا وترتب عليه عدد من المخاوف الأمنية والاجتماعية والسياسية ، سارعت بريطانيا إلى عقد المؤتمر الدولي الرابع للمانحين في ” لندن” والذي جمعت فيه أكثر من 10 مليارات دولار لوضع حلول لمساعدة اللاجئين السوريين .
مخاوف طبيعية تخالج أوروبا وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا ولندن وبقية الدول الناعمة التي يعيش فيها المواطن حالة من الرفاهية والتعايش والاستقرار، إلا أن تعمد الإعلام الدولي في تهييج المجتمع الأوربي ورسم صورة سوداوية عن مئات الآلاف من اللاجئين الهاربين من جحيم الحرب ، دفع ثمنها أطفال ونساء وشباب سوريا الناجين من عمليات الإبادة المنظمة نتيجة للصراع الدموي القذر في سوريا على السلطة ومجازر ومذابح داعش والقاعدة التي ساهم الغرب في صناعتها واحتضانها أوغض الطرف عنها منذ نعومة أظافرها .
ومع ذلك فأن أوروبا تتحمل جزءاً من المسؤولية الأخلاقية والسياسية والعسكرية بعد أن سعت إلى إبرام صفقات الأسلحة لجني المال الخليجي الذي أشعل منطقة الشرق الأوسط وإغراقها بمختلف الأسلحة وتدفق المرتزقة والمتشددين من الاتحاد الأوروبي الذين تم غض الطرف عنهم في عبور أراضيها إلى سوريا والعراق وغيرها لقلب الأنظمة وتدمير البلدان تحت إيقاعات الديكتاتورية التي جعلت المواطن العربي يتمنى عودة أوثبات تلك الديكتاتوريات رغم الإفراط في استبدادها مقارنة بدواعش العصر الحديث .
ورغم أن مؤتمر المانحين الرابع يمثل حالة إنسانية رائعة في جمع التبرعات ووضع بعض الحلول واتخاذ عدد من التدابير الاحترازية للحد من تدفق اللاجئين ودعم دول من بينها الأردن وتركيا وغيرها لمساعدة 18 مليون سوري ، إلا أن الكثير من اللاجئين يخشون أن تتحول تلك المليارات في أيدي غير أمينة وتتأثر برؤى سياسية وأجندات أكثر بعداً عن الجوانب الإنسانية التي يتم تسويقها في المؤتمرات الدولية وماكينات الإعلام الدولي ، بعد أن تمكنت الدول والأحزاب والمنظمات السياسية من اختراق المنظمات الإنسانية والحقوقية والقانونية وإلحاق كوادرها بها .
كما أن اتفاق ألمانيا مع دول المغرب العربي ، “الجزائر وتونس والمغرب” بعودة اللاجئين الذين لم تقبل طلبات لجوئهم والذي سيتم ترحيلهم إلى بلدانهم وإطلاق دول المغرب على ” الأوطان الآمنة “ما هو إلا تجسيد للمخاوف الأمنية بعد أن التزمت ألمانيا بتقديم مساعدات بملايين اليورو لسوق العمل ومشاريع التأهيل المهني في المغرب .
فهل يصدق المانحون في إيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها لتأهيلهم وإنقاذهم من حالات الموت والشتات ، بعيداً عن الأهواء والمذاهب السياسية والايدلوجيات المفخخة وتجار المساعدات ووضع رقابة صارمة تجسيداً للمبادئ الفاضلة وقطعاً للمشككين في النوايا الصادقة ؟ .. أملنا كبير .