جبهات الضجيج !
ضرار الطيب
خلال الفترة الأخيرة الماضية ، ركز العدو السعودي اهتمامه على جبهتين حربيتين ، وحشد لهما كل ما يمكن من مكبرات الصوت ، ومكبرات الصوت فقط .. لأن الجبهات من هذا النوع لا تحتاج إلى مقاتلين مرتزقة أو آلات عسكرية حديثة ، بل إلى طبول ومزامير ودواشين .
الجبهة الأولى تقع في “نهم” التي وصل إليها العدو السعودي أكثر من مرة خلال هذه الفترة ، وطبعاً باسم “الجيش الوطني” ولكن هذه التسميات لا تهم في الحقيقة لأن هذا الوصول المتكرر لم يشاهده أحد سوى أعين مذيعات “الحدث” ومراسليها . بينما كان دور المرتزقة في هذه الجبهة هو حساب عدد الكيلومترات والتحليل والتنبؤ والتهديد والدوشنة في مواقع التواصل الاجتماعي. وربما أن هذه الجبهة صارت رسمية ومستقلة بدعمها من قبل قيادة تحالف العدوان شأنها شأن جبهات القتال الحقيقية .
الجبهة الأخرى تقع في “تعز” وهذه علاقتها بالحرب لا تشبه سابقتها ، لأن هذه أكثر رومانسية إن صح التعبير . وأكثر انتهازية أيضاً، تبرز فيها الدموع والآهات مكان التهديدات والوعيد ، ونشاهد فيها “الحمير” بدل المدرعات ، كما أنها أسهل بكثير من السابقة ، فالمرتزقة هنا لا يحتاجون لأي تحليلات عسكرية غبية أو تهور في حساب الأرقام ، وكل ما عليهم هو البحث عن منظر مأساوي ليتاجروا به ، واذا لم يجدوا يفتعلونه بكل بساطة .
وهذه الجبهة هي رسمية أيضاً ولديها من الدعم ما قد يفوق دعم الجبهات العسكرية .
والمهم الآن هو أن هذه الضجات الإعلامية الممنهجة والمرتبة ، ليست مجرد مادة خامة مهمتنا نحن أن نستخلص منها النكات فقط ، لأنها غالباً ما تثار لأخذ مساحة من الفراغ الإعلامي الذي يجب أن تحتله أخبار أهم .
السعودية تعلم جيداً أنها لن تدخل صنعاء ولن تبلغ مشارفها ، وتعلم جيداً أن مرتزقتها في تعز يعبثون بأمن المدينة والمواطنين ، وهي لا مشكلة لديها في ذلك . كل ما في الأمر أن أسراها صاروا يظهرون باستمرار ومواقعها الحدودية تتهاوى ومرتزقتها في الداخل لا يفعلون أي شيء . ويحب التغطية على هذا ولو بإعلان نهاية العالم وليس اقتحام صنعاء فحسب .
السعودية أيضاً ترتكب مجازر يومية في كل مكان وهي لا مشكلة لديها في إعلان سقوط كوكب ملتهب على الأرض لتشغل الناس به إذا لزم الأمر . وما يحدث للأسف هو أنها تنجح فعلا
في نشر هذا الضباب في الجو حتى ولو لبعض الوقت . وقد يرجع هذا إلى الإمكانيات الإعلامية التي تمتلكها ولكن على أية حال .. يجب الانتباه.