سياسة تصدير “الحروب” لا تحمي المصدر من “نيرانها”!؟
علي الريمي
التصدير والاستيراد , قاعدة تجارية متعارف عليها في كل أرجاء المعمورة , والتبادل التجاري للسلع والمنتجات المختلفة, عملية معروفة تتم بانتظام وعلى مدى الأزمان بين سائر الدول ولغوياً فإن التصدير مرادفه الاستيراد والعكس [صحيح] وعلى ذلك وإذا ما حاولنا إسقاط القاعدة التجارية المذكورة سياسياً, يمكن القول إن ما تقوم به بعض الدول الغنية ( مالياً ) والفقيرة ( قيمياً وحضارياً) من سلوكيات شاذة سياسياً عندما تقرر الانخراط في ممارسة سياسة تصدير الحروب , إلى بعض البلدان القريبة منها أو حتى البعيدة عنها بهدف تعزيز هيمنتها (الجيو سياسية) والتمدد في ذلك عبر حنفيات (البترودولار) فإن ذلك لا يعدو عن كونه سلوكاً أهوجاً, بل ورهاناً طائشاً.
كما هو معروف فقد دأبت الولايات المتحدة الأمريكية في العقد الأخير على النأي بنفسها عن خوض الحروب المباشرة مع الدول المارقة أو الأنظمة الخارجة عن الطاعة للعم سام وبدلاً من ذلك انتهجت أمريكا سياسة (الحرب بالإنابة) وحدث ذلك تحديداً منذ ما بعد تدخلها العسكري المباشر عندما غزت العراق في مارس عام 2003م .
فخلال السنوات الست الماضية أوعزت أمريكا لأذيالها (وكلائها) في الخليج كقطر , الإمارات, السعودية , لتقوم هذه الدويلات بشن الحرب ( نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية) فكان أن قام هؤلاء (الأذيال) بالمهمة القذرة على أكمل وجه للأسف الشديد , فقطر والإمارات تولت كلاهما المهمة في ليبيا , إلى جانب حلف الناتو فتم الاطاحة بنظام الراحل / معمر القذافي أواخر العام 2011م لتتحول ليبيا إلى دولة (فاشلة) تعيث فيها الفصائل المتطرفة الفساد والقتل والتشريد.
أما المملكة (الهالكة) التابعة لبني سعود , فقد أوكل إليها مهمة قذرة أكبر بكثير من المهمة الموكلة لقطر والإمارات في ليبيا , حيث قامت الأسرة الحاكمة في نجد والحجاز بما هو أكبر بكثير من مهمة القيام بالحرب نيابة عن (سيدتها) أمريكا حيث انتهجت هذه الأسرة سياسة تصدير الحروب , دون وعي أو إدراك لفداحة اتباع مثل هذه السياسة الخطرة جيداً على السعودية كدولة هشة ناهيك عن مخاطر الارتدادات الخانقة لحروبها التصديرية على المنطقة خاصة وعلى السلم والأمن العالميين. ولعل ما يحدث في سوريا منذ خمس سنوات أكبر دليل على ما ذهبنا إليه , فالحريق السوري مازال يشتعل ووصلت امتداداته إلى العديد من الدول المجاورة , لبنان , الأردن, تركيا, ثم امتد ذلك الحريق ليصل إلى معظم دول أوربا من خلال مأساة اللاجئين الفارين من لهيب الحرب القذرة التي أشعلتها السعودية وحليفاتها في الجمهورية العربية السورية. والبقية بات معروفاً للقاصي والداني .
وتواصلت السياسة اللعينة للسعودية من خلال تصدير الحروب لعل آخرها وربما ليس آخرها. الحرب القذرة التي قادتها أسرة بني سعود على اليمن والتي قاربت على العام منذ أن بدأتها السعودية في 26/مارس/ 2015م . وما خلفته ولاتزال هذه الحرب الفاجرة من كوارث ومآس على اليمن واليمنيين وهي حرب تمت بضوء أخضر من أمريكا , بداية من الإعلان عن بدايتها من واشنطن عبر السفير سيئ الذكر حينها / عادل الجبير والذي تولى منصب وزير الخارجية لمملكة بني سعود , ربما كمكافأة لهذا الجبير على إعلانه عن بدء الحرب على اليمن من عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية , وصولاً إلى التأكيد الأخير على يد أمريكا في هذه الحرب كما صرح وزير خارجيتها مؤخراً جون كيري من العاصمة السعودية الرياض.
لكن السعودية الجهة المصدرة والمتصدرة للحرب الأمريكية على اليمن لم تسلم من تداعيات حربها الكارثية على اليمنيين وهو ما يتأكد من خلال ما يشهده جنوبها في جيزان ونجران وعسير من توغل لأبطال الجيش اليمني مدعوماً باللجان الشعبية.
خلاصة القول: إن سياسة تصدير الحروب لا يمكنها أن تمنع أو تحول دون قدوم مثل تلك الحروب على الجهة المصدرة لها.