عدو ما يجهل

أقول قولي هذا
عبدالمجيد التركي

تغير كلُّ شيء وتطوَّر.. وتقدَّم العالم كله في النصف قرن الماضي، إلا خطبة الجمعة ما تزال تراوح مكانها.. نفس الديباجة، ونفس المدخل، ونفس الخاتمة، وما بين البداية والنهاية إما مواعظ لم يعد أحد ينتفع بها لشدة تكرارها، أو تسوُّل للجمعيات الخيرية وفلسطين والمجاهدين، وإما تحريض وتكفير ودعاء على الآخر بأن يزلزل الله الأرض تحت قدميه ويجمِّد الدماء في عروقه..
منذ ألف وأربع مائة سنة والخطيب واقف على المنبر يقول: ألا وإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.. وكأنه يعني بهذا الكلام أن نبقى على حالنا وألَّا نتجدد وألَّا نفكر.. وكأن تغييره لمحتوى خطبة الجمعة بدعة، رغم أن المقصود بهذا الحديث هو الابتداع في جوهر الدين.
حتى لباس الخطيب ما زال كما هو.. فلا بد أن يضع العمامة على رأسه، ولا بد أن يضع لحافاً على كتفه، ولا بد أن يظهر بمظهر العالم والمفكِّر العميق جداً..
قبل أشهر حاول أحد الخطباء- في دولة مجاورة- أن يجدِّد في خطبة الجمعة، فترك كتاب رياض الصالحين وصعد إلى المنبر وبدأ يقرأ خطبة الجمعة من جهاز آي باد.. فقامت القيامة على هذا الخطيب الذي ابتدع قراءة الخطبة من الآي باد، وكانت حجة الثائرين عليه بأنه أفقد الجمعة هيبتها وسلبها خشوعها.
حتى لو قام أحد باتخاذ خطوة جريئة للتجديد في طريقة الخطبة ومضمونها فلن يلقى استجابة بقدر ما سينفخ الرماد في وجهه، لأن الناس اعتادوا على الاستلاب والتقليد.. فالعرب منذ قرون غابرة يخافون من التجديد، ولذلك ما زالوا يدورون في مكانهم كما يدور جمَل المعصرة.
وهنا تصدُق مقولة الإمام علي بن أبي طالب “الإنسان عدو ما يجهل”.
Magid711761445@gmail.com

قد يعجبك ايضا