شهاب الدين المحمدي –
انطلاقاٍ من قول الله عز وجل في محكم الآيات والتنزيل ” واعتصموا بحبل الله جميعاٍ ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ” آل عمران آية 103 فالوحدة نعمة عظيمة من نعم الله الكبرى علينا نحن معاشر اليمانيين وها نحن نحتفل في هذه الأيام بالذكرى الثانية والعشرين لقيام وتحقيق الوحدة الوطنية اليمنية المباركة ولا يمكن لعقارب الساعة أن تعود إلى الوراء وعلى من ينادون بفك الارتباط أو الانفصال نقول لهم: أنتم واهمون والوهم ذاته وعينه فنحن شعب واحد وجسد واحد ولسنا كالسودان الشقيق متعدد العرقيات والاثنيات إذاٍ لا وجه للمقارنة.
إن أقوى عامل في تقدم الأمة ونهضتها وخير سبيل لعلو شأنها ورفع منارها وبلوغها ذروة المجد والشرف هو اتحاد القلوب وتضافر الجهود وجمع الكلمة فالإتحاد أساس كل خير وسعادة وعماد الرقي والسيادة فكم به عْمرِت بلاد وسادت عباد وما نال قوم نصيبهم من رغد العيش والهناء ولا فاز شعب من الشعوب بحظه الوافر من الراحة وسلم من العناء إلا بالتآلف والتناصر والوحدة والإتحاد والتعاون والتضامن وما حظيت أمة بما تأمله وترتجيه إلا بجمع شملها وتوحيد صفوفها وسعيها المستمر إلى كل ما يجلب لها الخير ويحقق لها الرخاء ويدفع عنها شر الأعداء فبالإتحاد والوحدة تقوى الشوكة وتتم النعمة وتْؤِمِن الغوائل ويكثر التواصل وتعظم المحبة وتْنِال الغايات وتْبúلِغْ المقاصد لهذا كله حث الإسلام على الوحدة والإتحاد ورغب فيهما لما يترتب عليهما من جليل المنافع وعظيم الفوائد.
الله عز وجل يأمرنا بالإتحاد والوحدة والتضامن والتعاون تحت راية القرآن الكريم وأن نكون جميعاٍ كتلة متراصة قوية متماسكة وقلباٍ واحداٍ ويداٍ واحدة تسير على هديه وتستضيء بضوئه وتشع بشعاعه بحيث لا تصدر إلا من حكمه النفيسة وتوجيهاته الرشيدة وتعاليمه السامية وإرشاداته الحكيمة وأن نكون دعاة اعتصامُ وسلام لا دعاة فرقة وخصام ألسنا جميعاٍ كالجسد الواحد كل فرد منا كعضو من أعضاء ذلك الجسد يألم الكل لألم البعض ويألم البعض لألم الكل.
لقد أنشأ النبي العربي الخاتم محمدَ صلوات ربي وسلامه عليه على الوحدة خير أمة أخرجت للناس جمعها حول إله ُ واحد وكتاب واحد ودستورُ خالد وقبلةُ واحدة وصدق الله إذ يقول: ” وإنِ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون” الأنبياء آية92 ويقول جل شأنه وأحكمت آياته ” وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ” المؤمنون آية 52
الأمة التي يبلغ الإحساس في مشاعر أفرادها هذا الحد ويلتقي إحساسها على هذه الواحدة والوحدة تكون على همِة عالية وشيم سامية وإقدام يسوقها إلى ما قدر لها في هذا الوجود من حرية وسيادة وعزة ومنعة ورفعة وكرامة ومجد وتمكين وسؤدد ” ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ” المنافقون آية 8 .
وقد ورد عن الإمام الشيخ / محمد عبده رحمه الله أنه قال : إذا أحسست من أمة ميلاٍ إلى الوحدة فبشرها إلى ما أعد الله لها من مكنون غيبه من السيادة العليا فالإتحاد قوة تفوق كل قوة وحياة الوطن وارتقاؤه لا تكون إلا بالوحدة والإتحاد لكل المقيمين فيه لأنهم في أرض الوطن سواء وخيراته بينهم بلا استثناء.
فلنْثبت في القلوب عقيدتنا ولنحصن بالعلم والإيمان أركان أمتنا ولنصن بالنفائس والنفوس وحدتنا ولنجعل المحافظة عليها غايتنا ولنمض في طريق النضال باذلين أقصى جهدنا وطاقتنا ” إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون” النحل آية 128
إنِ المرحلة الحاسمة التي تمر بها أمتنا وبلادنا ووطننا ويمننا الآن وقد تكالبت علينا الأمم وأحاط بنا الأعداء من كل جانب ــ أعداء الداخل والخارج ــ تستوجب اعتصامنا بحبل ربنا وتمسكنا بأسباب وحدتنا واجتماعنا وإلا طمع فينا أعداؤنا وضاعت أوطاننا ومقدساتنا من بين أيدينا.
اللهم احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا واحفظ وحدة شعبنا من كيد الكائدين وتآمر المتآمرين ومكر الماكرين وخيانة الخائنين اللهم متعنا بوحدتنا أبداٍ ما أحييتنا واجعلها مصدر قوتنا ومنبر عزتنا ونهضة يمننا.. اللهم آمين.
Prev Post