السعودية بين الهيمنة وسقوط الهيبة
وأخيراً أثبتت الأيام والشواهد سقوط هيبة النظام السعودي المصطنع وفقدان الهيمنة المسعورة، بعد أن ظل ردحا من الزمن يتصنع القوة والوقار، ويتقمص دور الداعية ويرتدي عمامة المفتي في أرجاء الوطن العربي والعالم الإسلامي، بعد سنين من النرجسية وخيال الهيبة وأحلام الهيمنة التي صارت توزع من قبل أمريكا وأوروبا للسذج من قادة الخليج الذين تحولوا إلى مجرد صراف آلي مخروط في سبيل الصيت والسمعة السيئة .
ورغم ذلك البذخ والإسراف في شراء ذمم المجتمع الدولي وفي مقدمته مصاصي دماء الشعوب، الخمسة الكبار، إلا أن النظام السعودي أصبح أكثر ذعراً وحصاراً في عقر داره وأكثر ضعفاً وكراهية في المعمورة بعد أن طلعت ريحته واكتوى الغرب بقوافل إرهابه، وتعالت الصرخات الغاضبة والانتفاضات المنددة والمعارضة العلنية في شوارع القطيف ومدن المملكة ومؤسساتها ووسائل الإعلام الدولية ومراكز التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى التورط في المستنقع اليمني، بعد أن صدرت أزماتها للتغطية على الفضائح والمشاكل الداخلية بصورة عرت آل سعود وأفقدت النظام توازنه، لاسيما بعد أن عبر العديد من أمراء القصر الملكي في الرياض عن غضبهم من السياسة غير الرشيدة للملك سلمان في إدارة الحكم ووضع بعض الأمراء تحت الإقامة الجبرية وتهميش بعضهم من أولاد الملك الراحل عبدالله ومقرن ومحاولة الإطاحة بولي العهد محمد بن نايف وآخرين لتنصيب نجله محمد “القاصر” بحسب مركز “واشنطن لأبحاث الخليج”، مما جعل القصر الملكي في الرياض أشبه بلغم قابل للانفجار في أي لحظة.
مما أدى إلى صدمة مروعة وشلل كبير للملك سلمان التي تفيد تقارير طبية تغيبه عن الأحداث والحقائق نتيجة لهرمه وإصابته بـ “الزهيمر” الذي يخرجه عن الخدمة ساعات في اليوم والتهاء نجله ولي ولي العهد بتوزيع الأموال على وسائل الإعلام الدولية لتلميع شخصيته والتغطية على فضائح السعودية وجرائمها ومجازرها الدموية، والانشغال بالوهم ” الإيراني ” الذي رفع الغرب وواشنطن عنه الحظر بعد الالتزام بالاتفاق النووي وإحياء العلاقات مع الشرق والغرب بما فيها قطر وسلطنة عمان، ورغم ذلك مازال النظام السعودي غارقاً في تسديد فواتير أسلحة الدمار والطلعات الجوية على اليمن ودعم الإرهاب في سوريا وأوروبا وحدود روسيا وقارة أفريقيا والصفقات المشبوهة، مما أدخل السعودية في عجز كبير في موازناتها ثلاث سنوات على التوالي، بعد أن افتقر إلى الحكمة والعقل والأخلاق.
وليس غريباً على تلك الأسرة وذلك النظام أن يستمر في غيه وطغيانه، طالما سارع منذ نشأته إلى تبني استراتيجية “الشر والإغواء والتوحش “، وتكييف القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في خدمة المَلك والمُلك مفضلاً التواري وراء الأماكن المقدسة والتستر وراء حجاب الرجعية الدينية والملكية المستبدة ولغة المال القاتلة والتباهي بخدمات البيت العتيق الذي سقط في ساحاته الطاهرة والآمنة الآلاف من ضيوف الرحمن دون رحمة أو ذنب ، في حين فرخ مئات الآلاف من المعاهد والمدارس وزوايا المساجد الدينية في كل بقاع العالم لتدريس للتطرف والغلو والأفكار المسمومة التي أظلت الكثير من الأجيال، بعيدا عن الاعتدال والوسطية الداعية إلى التعايش الإنساني والسلام العالمي .
ورغم ذلك التواري، إلا أن النظام السعودي تخرج من دهاليزه المُظلمة الآلاف من كتائب الموت المنضوية تحت مسمى الجهاد الزائف، المليشيات والجماعات والحركات والأجنحة العسكرية السرية وفرق الموت والخطف والاغتيالات المثيرة للفتن والمسوقة للإرهاب في كل مكان، وما القاعدة وداعش والنصرة وجيش الإسلام وجيش محمد وبيت المقدس وبوكو حرام وبوكو حلال، إلا صوراً مأساوية للأسرة ” المتوحشة” والنبته الخبيثة المزروعة في قلب الأمة العربية ، ونماذج مارقة ومشوهة للإسلام والمسلمين ، وأداه من أدوات الإرهاب السعودي الذي خلقه مثلث الشر المتمثل في أمريكا وبريطانيا والصهيونية.
ولذلك سرعان ما تناثرت “هيمنة ” آل سعود المصنعة في معامل واشنطن ومختبرات تل أبيب، وسقطت ” هيبتها” أمام المجتمع الدولي بعد أن كانت تهابها وتتقي شرها العديد من الأنظمة، وتمارس توحشها وتسلطها في المجالات السياسة والدبلوماسية والعسكرية والأدبية والثقافية والدينية والرياضية والاجتماعية وتحشر نفسها في أدق التفاصيل والهرولة لتنصيب نفسها شرطياً للخليج و تتقمص دور مصر العظيم ، وتتحكم في قرارات الجامعة العربية لمزاجها، وتهميش الصمود السوري خدمة للآخرين.
ورغم تلك النفخة الزائفة والتعالي والغرور والتوحش والطغيان والمال الحرام أنفجر البالون السعودي وسقط كبرياء الرهانات الخاسرة، بعد عشرة أشهر من عدوانها ومجازرها على اليمن الذي شاهدت فيه صموداً أسطوريا وثباتا وصبرا بلاحدود، وزلزالاً أطاح بسمعة أسرة صادرة أحل أم شعبها والأمتين العربية والإسلامية، واستنزفت وتاجرت بدماء الإنسانية فسرعان ما سقطت هيبتها الزائفة وهيمنتها الوهمية.. فهل من متعظ؟.