محمد القعود
في المقهى العتيق..
ثمة شجونٍ هائمةٍ
وثمة أزمنةٍ جائلةٍ,
وثمة رجلٍ يراوده الحزن..
يرتشفُ قهوته بدلالٍ وهدوءٍ,
يقلّبُ بمللٍ أنيقٍ جريدته الرتيبة..
يتطلع بعيونٍ متعبة
نحو الشارع المطعون بالعبوس
ويتقرّأ وجوه العابرين نحو المجهول..
تمرُّ ظلال وآهات وبروق خافتة,
تمرُّ روائح ملبدة بالذكريات،
تمرُّ بلاد مثخنة بالذهول
تمرُّ أمة مزدحمة بالشتات
تمرُّ لغة مراوغة ورايات, وروايات,
تمرُّ طيور العمر واجفة
تمرُّ أمنيات مؤجلة، ونصال شرهة,
“وفنجال” القهوة لم يجفُّ بعد..!!
في المقهى العتيق
ثمة وقتٍ يترنحُّ مكراً
وثمة رجلٍ يرتشف حسراته
ويميل نحو انتظاره المزمن!!
في المقهى العتيق
ثمة رجلٍ مخفورٍ بنفسه
ينقر الطاولة بأصابعٍ
أهرمتها الحكمة,
وبإيقاعٍ عميقٍ يسرَّب العواصف
وبصبرٍ مدربٍ على السير المتقن
فوق خيوطٍ أوهى من المتاهات
يرتب ما لا تعرفهُ الآفاق..
رجلٌ يجيد مراوغة نفسه
والأخذ بأيدي أيامه
نحو غرفٍ دافئة
بين أحضان الكلمات..