مفردات الشجب والإدانة ومستويات التوظيف
أحمد يحيى الديلمي
لا أعتقد أننا العرب والمسلمين سذج إلى هذا الحد غير المقبول الذي أفقدنا القدرة على التمييز بين الحق والباطل والخير والشر وعدم معرفة الصديق من العدو بحيث أصبحنا شبه منقادين لاإرادياً لما يريده الآخرون شئنا أم أبينا فهل هذا حادث فعلاً ؟ ولماذا وصلنا إلى هذه الحالة من الاستسلام والتشظي ؟ كلنا نعيش غيبوبة الانبهار بما لدى الغرب وننقاد طوعياً لبهرجة المضامين والمصطلحات التي يسوقها عن العالم الحر وحفظ الحقوق والحريات ومحور الدفاع عن القيم الإنسانية وكأننا لا نمتلك حضارة أو أننا تجاهلنا عن عمد القيم والمبادئ التي تحثنا عليها عقيدتنا الإسلامية بالذات ما يتعلق بالحقوق والحريات والمواطنة المتساوية . إلا أننا تخطيناها وأصبحنا متمسكين بالشعارات والألفاظ والمسميات القادمة من بلد الآخر بما انطوت عليه من خداع وتضليل وإدعاءات زائفة ، مع ذلك احتلت ذهنية المواطن في العالم الثالث ردحاً من الزمن وتعززت بمشاهد حية ولكن بأساليب مغلوطة حينما انتقل بريقها إلى واقع دول العالم الثالث بحيث تم الاستسلام للاعتبارات السياسية المتكئة على اعتبارات خاطئة لم تخدم الواقع الاجتماعي في هذه الدول لكنها أثارت حالات العداء والاحتقانات ورغبات الانتقام وجعلتها متصلة بالموروث المتجذر في هذا الواقع وأصبحت الإطار السياسي والعملي الذي يحتكم إليه الناس طواعية ، ومن ثم تمكنت القوى الخارجية من الوصول إلى ما ترمي إليه وأول ما ركزت على إضعاف مضمون الدولة والتنكر للقيم الموجودة ، ومن ثم تحول الفردوس الموعود إلى عصا غليظة هدفه إجبار القيادات المحلية الحاكمة على الاستسلام والانقياد الطوعي لإرادة حملة مباخر الازدهار والتطور و الرخاء المزعوم .
من أستوعب الدرس ورفع الراية البيضاء تم تمجيده وإحاطته بإجراءات هلامية وقوانين ديكورية جملت الصورة وأقنعت العامة بضرورة الحفاظ عليه كهبة إلهية والحرص على زيادة تأثيره وقوة سطوته وتسلطه على المجتمع الذي يتحكم فيه وتم تمرير هذه القابلية عبر رعاية مسرحيات هزلية لما سمي بالديمقراطية والدورات الانتخابية.
في كل الأحوال لا ننكر أننا كعرب ومسلمين بتنا قاب قوسين أو أدنى من الهاوية لكن يبدو أن الشعوب تتنبه في نهاية المطاف وهذا ما يحدث فاليوم بعد أن ظهرت ملامح هذا السقوط الأخلاقي والانهيار القيمي على المستوى الدولي الذي أصبح يراهن على مصالح مكشوفة ويضحي بكل القيم من أجلها كحالة لا تبشر بخير وتظهر الدور المشبوه للمصالح في قيادة النظام الدولي وتسيير دفته وبالتالي تضع أمامنا المسؤولية هامة كعرب ومسلمين تتطلب منا توحيد الجهود ولو على المستوى القطري كما يحدث الآن في اليمن من خلال الصمود الأسطوري والبطولات العظيمة التي يجترحها أبطال الجيش واللجان الشعبية والمؤيدين لهم من رجال القبائل وهي حالة إيجابية تدل على أننا وصلنا إلى بداية النجاة وعرفنا أننا وحدنا وأن العالم كله يتآمر علينا ، طالما وأن عدونا الأساسي والمباشر يمتلك وفرة من المال ونسأل الله أن يفقر هذا العدو وأن يمنحنا مالاً وفيراً كي نسعد به العالم ، وهذا هو شأن اليمنيين وعلينا أن نحفظ الحد الأدنى من المساواة وضمان الحريات العامة وأن نصنع الفردوس الذي نحلم بأنفسنا دون أن ننتظر للفردوس الغربي الموعود .
والله من وراء القصد