دولة أوسان كانت تهيمن على كثير من المناطق ذات الأهمية التجارية كعدن وموزع وميناء قنا “بير علي حالياً” والذي استولت عليه بالقوة من حضرموت والذي وفر لدولة أوسان ازدهاراً اقتصاديا مكنها من الاستعداد العسكري لمد نفوذها على المناطق الواقعة تحت نفوذ حضرموت وقتبان وسبأ.
حيث اقتطعت مساحات واسعة على الدول الثلاث، بحيث صارت مساحة الدولة الأوسانية أكثر اتساعاً من بقية الدول وصارت تهدد بقوتها الاقتصادية والعسكرية تلك الدول وتطرح احتمال قيام دولة مركزية تحت سيطرة دولة أوسان.
ولكن هذا الأمل لم يتحقق بسبب تشكل حلف سياسي عسكري من الدول الثلاث “سبأ وقتبان وحضرموت” تحت قيادة المكرب السبئي “كرب أيل وتر” الذي أعلن نفسه ملكا استطاع فيها تحطيم جيش أوسان الذي كان يقوده ملكهم “مرتوم” ويزيل من الوجود أوسان كدولة في عام 410 قبل الميلاد، وبذلك انتهت هذه المحاولة بالإخفاق، ثم كانت المحاولة الثانية وهي قيام ذلك الحلف السياسي والعسكري بين الدول الثلاث “سبأ وحضرموت وقتبان” بمواجهة أوسان وقد حقق قيام هذا الحلف وحدة سياسية وعسكرية لهذه الدول وهيمنة هذا الحلف على مساحة واسعة من الأرض اليمنية بما فيها الأراضي التي كانت تحت سيطرة أوسان نفسها، لكن هذا الحلف سرعان ما انفض وانتهى على الرغم من توفر الإمكانية لتحوله إلى سلطة مركزية لولا الخلاف الذي دب بين أطراف الحلف حول اقتسام أراضي أوسان وبروز التخوف بين أطراف الحلف من هيمنة إحدى الدول على الأخريات وبذلك انتهت وأخفقت هذه المحاولة أيضا.
وعلى الرغم من الإخفاق الذي منيت به هاتان المحاولتان إلا أن مسار التطور اللاحق سار في اتجاه قيام دولة مركزية وإن تحقق ذلك في وقت متأخر من القرن الرابع الميلادي.
فبعد سقوط دولة أوسان “بيحان حالياً” وتقاسم أراضيها بين الدول الثلاث شهدت الدول الثلاث تطوراً في أشكال نظامها السياسي فتم الانتقال من نظام المكاربة إلى نظام الملوك الذي وفر سلطة أكبر لرأس الدولة الملك من السلطة التي كانت لدى المكرب القديم.
وقد تم الانتقال إلى هذا النظام في الدول الثلاث في أزمنة مختلفة فسبأ من عام 410 قبل الميلاد من قبل كرب ايل الوتر الذي أعلن نفسه ملكا في قمة انتصاره على أوسان وحضرموت في القرن الثالث قبل الميلاد، وقتبان في القرن الثاني قبل الميلاد، كذلك ساد اتجاه آخر قائم على ضم أراضي الدول الأخرى إلى بعض هذه الدول فضمت الأراضي التي كانت مع معين إلى سبأ وبالتالي توسعت مساحة نفوذ سبأ وذلك في القرن الثاني قبل الميلاد، وكان يمكن أن يتوسع نفوذ سبأ وذلك في القرن الثاني قبل الميلاد.
وكان يمكن أن يتوسع نفوذ سبأ ليشمل بقية المناطق ويمكن دولة سبأ من إقامة دولة مركزية لليمن القديم لولا التدخل الأجنبي من قبل الغزاة الرومان والأكسوم، وبروز الصراعات الداخلية في سبأ والتي كانت تُغذى من قبل القوى الخارجية مما سبب تدميراً واسعا للاقتصاد السبئي وتفكك السلطة السبئية بين القوى المتنازعة مما أضعف دولة سبأ وشل فعاليتها اعتباراً من القرن الثاني قبل الميلاد وحتى نهاية القرن الثالث الميلادي شهدت المنطقة اليمنية صراعاً حاداً تمثل في مواجهة القوى الأجنبية بين الرومان والأكسوم وأيضا صراعا داخلياً في إطار دولة سبأ وهمدان وسبأ وحمير حول السلطة من جهة وحضرموت وقتبان من جهة ثانية، وقد انتهى الصراع بين حضرموت وقتبان بضم دولة قتبان إلى حضرموت في عام 210م بعد إحراق عاصمة قتبان تمنع في بيحان حالياً، وانتهى بذلك الصراع نهاية إيجابية نوعاً ما.