الصراع السياسي على الموقع الجغرافي لعدن
بسبب الموقع الجغرافي لمدينة عدن وبقية المحافظات أو ما كانت تسمى بالمحميات جعلها مثار التنافس بين الدول الاستعمارية الذي جعل كلاً منها يحاول السيطرة عليها وفي نهاية المطاف استطاعت بريطانيا السيطرة على عدن والتي تمثل المدخل إلى جنوب اليمن، وقد كان ذلك في 19/1/1939م.
ومع بسط نفوذ الأنجليز على المناطق الجنوبية عن طريق عقد المعاهدات للحماية للحكام من النظام الأمامي والتي أصبحت تعرف بالمحميات الشرقية وهي القحيطية والكثيرية والواحدية والمهرة والتي تعرف حالياً بحضرموت وشبوة والمهرة والقسم الثاني للمحميات الغربية وهي لحج والضالع والحواشب ويافع العليا ويافع السفلى والفضلي والعوالف العليا والعواذل وبيحان.
وقد كان عدد المشيخات والسلطنات لا يتجاوز 13 سلطنة ومشيخة عند مجيء الإنجليز لكنها أصبحت في ما بعد 20 مشيخة وسلطنة وذلك بسبب سياسة التفرقة التي اتبعها الاستعمار البريطاني حيث عقد 31 معاهدة حماية و90 اتفاقية تحدد علاقات السلطنات والمشيخات والإمارات مع انجلترا وكانت أول معاهدة تعقد مع حكام تلك المناطق هي معاهدة سلطنة لحج تم تبعتها بقية المناطق، وبهذا أصحح الحكام مقيدين بحكم السلطات البريطانية تم تلا ذلك عند معاهدات استشارة مع تلك المحميات بعين بموجبها لكل محمية مستشار انجليزي يقدم المشورة للسلطان أو للأمير في شؤون الحكم وذلك لإحكام القبضة على تلك المناطق المحيطة بالمستعمرة عدن ثم تلا ذلك عقد المعاهدات مع المحميات الشرقية القعيطية والكثيرية عام 1938م.
وفي عام 1959م أعلنت السلطات البريطانية في عدن عن تكوين اتحاد فيدرالي بين السلطنات وإمارات المحميات الغربية والذي ابتدأ بتكوين ست إمارات ثم بلغ عددها 20 سلطنة وإمارة.
وقد أقرت تلك المعاهدة بين المملكة المتحدة والاتحاد الفيدرالي لإمارات الجنوب العربي حق بريطانيا في الإشراف والمسئولية الكاملة على الاتحاد وأيضاً الدفاع عن الاتحاد العربي وكان مقره مدينة الشعب حالياً أو في ما سمي سابقاً عاصمة الاتحاد العربي.
وبسبب السياسة الاستعمارية البريطانية تشكلت ملامح الحركة الوطنية المنظمة في عدن وخاصة منذ عام 1947م عندما عاد عدد من الطلبة الجامعيين الذين درسوا في الخارج حيث شكلوا نواة العمل السياسي المنظم وكان لحركات التحرر الوطني التي ظهرت في العالم ضد الاستعمار وتحرر عدة دول كانت مستعمرة من قبل ألمانيا النازية أثرها على الحركة الوطنية اليمنية في عدن خاصة بعد نكبة فلسطين عام 1948م وثورة يوليو في مصر عام 1952وبعض الأحداث الهامة في المنطقة كتأميم شركات الزيت ومصافي البترول البريطانية في إيران من قبل حكومة مصدق عام 1952م، وهكذا بدأت بوادر العمل السياسي والنقابي المنظم وكان الدافع الأساسي الوقوف في وجه الانتخابات التشريعية التي جرت في عام 1955م والتي استبعد منها أبناء الشمال والجنوب وسمح للأجانب الهنود بالمشاركة فيها.
أما في ما يتعلق بالمحميات فقد كان بعض الحكام يعارض سياسة بريطانيا لكنها كانت تعمد إلى إسكان السلاطين المعارضين أما بنفيهم أو باستبدالهم بآخرين من الأمراء المتطلعين إلى الجاه والسلطة .
وقد قام في المحميات العديد من حركات المقاومة ضد الاستعمار البريطاني والتي أطلق عليها ثورات وهي الأقرب إلى الانتفاضة المسلحة التي لا تمتلك برنامجاً سياسيا يهدف إلى إحداث تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة ومن هذه الثورات ثورة بني عبدان في حضرموت عام 1941 – 1945م وثورة العوالق العليا التي بدأت عام 1955 – 1958م وثورة المجعلي في دثينة عام 1955م وحتى عام 1958م وثورة الرماني في العواذل من 55 – 1958م.
وقد كانت هذه الثورات تجابه بالقمع الشديد من قبل قوات الاستعمار باستخدام سلاح الجو في قصف القرى والمدن واعتقال المواطنين بالجملة وضرب الحركة العمالية وإغلاق الصحف الوطنية وإغراق المنطقة بالهجرة الأجنبية إلى مدينة عدن.
وفي محاولة لاستباق المد التحرري الثوري بصنع كيانات وحدود زائفة فأخرج الاستعمار ما أسماه باتحاد الجنوب العربي وطوره حسب مخطط مدروس ومرسوم إلى دويلة عميلة تقع تحت سيطرته من جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية.