هل ينتهز “ولد الشيخ” فرصته الذهبية (الأخيرة) في اليمن ؟!
عبدالرحمن هاشم اللاحجي
بشكل واضح وجليّ يبدو التعب الجسيم، والإرهاق الشديد يصاحب شخصية المبعوث الأممي “ولد الشيخ ” إلى اليمن، وذلك بعكس المؤتمرات السابقة التي ظهر فيها الرجل نشيطا ومثابرا وكانت ترتسم عليه بعضا من ملامح الجدّية والتفاؤل إلا أن الأيام الأخيرة كشفت بان الرجل أصبح مُهترئا، وذابلاً ولا تبدو عليه أي عوامل يمكن عبرها أن نبني استنتاجا واحدا متفائلا ولو بنسبة 50 % على الأغلب.
يتعرض ولد الشيخ لضغوطات كبيرة وكثيرة جدا “أمريكية – سعودية” تُقيّد حريّته، وتقوقع دوره السياسي، وتُقلّص حجمه الدبلوماسي الذي يُفترض بأن يكون أكثر شمولية وحزم وقوة في اتخاذ قرارات مصيرية ومستقبلية ستنعكس مباشرة ليس على اليمنيين فحسب بل على مستوى المنطقة والعالم ككل بحكم تأثيرات الأمن القومي اليمني على مصالح الدول العربية والأجنبية ذات العلاقة .
وصل ولد الشيخ إلى صنعاء والتقى بقيادات وممثلين عن أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام في إطار جولته التحضيرية لمؤتمر جنيف 3 وتسلّم هدية رمزية من اللجنة الثورية العليا في محاولة لرفع معنوياته وتعبيرا عن جدّية أنصار الله وحلفائهم في إيجاد خارطة طريق أممية واضحة يتُوقف بموجبها نزيف الدم الجاري وتتحدد على ضوئها أبجديات المرحلة المقبلة التي ابتدأها بفتح ملفات المعتقلين لدى (أنصار الله) في خطوة اعتبرها مراقبون جيدة وتؤسس لحوار مسؤول بيد أن ظهوره منحازا لطرف بعينه آثار عدة تساؤلات لدى الأوساط الإعلامية المختلفة وهو ما تجنب الإفصاح عنه في اللقاء الثاني الذي جمعه بقيادات الأحزاب السياسية الموقّعة على اتفاق السلم والشراكة وفضّل السير في طريقه متجاهلا أيضا مجزرة مروّعة أحدثها الطيران السعودي بحق 14 شخصاً من أسرة واحدة جُلّهم من الأطفال قبيل انعقاد اجتماعه الآنف .!
بالمقابل أخذت المواقف السعودية والأمريكية خلال فترة الزيارة الحالية جانبا من استعراض القوة وفتل العضلات “إن صح التعبير ” فالطائرات السعودية لم تكد تتوقف عن التحليق في سماء العاصمة وبقية المحافظات الأخرى منذ أن وطأت أقدام الرجل مطار صنعاء الدولي الذي قُصف هو الآخر لأكثر من 50 مرة منذ بداية العدوان أواخر أبريل الماضي .!
ولد الشيخ لم يستطع أن يكتم تشاؤمه المُريب من انعكاسات الوضع الإنساني وترديه مع استمرار الحصار والدمار الممنهج فقد أعرب عن قلقه في أكثر من محفل ومناسبة لكنه لم يستطع أن يتحرك خطوة واحدة للإمام لردم الفجوة العميقة التي أحدثها العدوان وان ظهر حريصا على إطلاق المعتقلين في إطار خطوات إعادة بناء الثقة لكن خطوته تلك غير مرحّب بها من قبل الأطراف السعودية التي تحشد للحرب وتشب نفيرها على كل المستويات والأصعدة .
صحيفة الإيكونومست البريطانية التي أجرت المقابلة الأخيرة مع محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ومهندس العدوان على اليمن وقائد جناح الصقور بحكم منصبه كوزير الدفاع خرجت بانطباع واضح هو ان مزاج الرجل مزاج حرب فقد حُسمت الأمور من وجه نظره وما على العرب (تحديدا)سوى الانقياد والإذعان لحربه الجنونية خصوصا وأنه أفصح عن شراء أرامكو “النفطية” الشركة الأولى المنتجة للنفط على مستوى المملكة، إضافة إلى بعض عقارات الدولة في المنطقة الغربية وهو الأمر اللذي جعل صحيفة “كالإندبندنت” تصفه بالشخص المتعجرف والمتهور ، كما أن المواقف الأخيرة للإدارة الأمريكية التي دفعت بالمملكة إلى الخوض في عداء سني –شيعي مع إيران مستغلة أحداث السفارة السعودية في طهران بداية يناير الجاري هي الأخرى تؤكد بأن الرغبة الأمريكية تهدف لاستمرار الحصار وتوسيع أهداف العدوان السعودي على اليمن .!
عوامل ومواقف كثيرة جعلت نفسية ولد الشيخ تُصاب بالاحباط “ان صح التعبير” بل وتتراجع كثيرا عن المعهود لتنتزع منه تصريحا قد يبدو “مخادعا “في اغلب مضامينه وجزئياته يقول التصريح الذي نشره على صفحته بالفيس بوك بان: “هناك أياد خفية تقف للحيلولة دون التوصل إلى سلام في اليمن “، ومع انه لم يًسم تلك الأيادي الخفية حد تعبيره إلا أن البراهين الواقعية تؤكد بأن الرياض وواشنطن يُعرقلان جهوده بقوة بل ويدفعان بكل السُبل لإفشالها .!
ومع كل تلك العوامل والمؤثرات والانتهاكات الصريحة السعودية لزيارة ولد الشيخ (بالمقام الأول)، إلا أن جزءا يسيرا من عامّة الشعب اليمني لا يزالون معلّقين بصيص أمل على تحركّاته القادمة التي يُقترض بأن توقف العدوان وترفع الحصار الاقتصادي بينما يرى السواد الأعظم بأن الفشلان السابقان معيار منطقي للحكم على المؤتمر القادم فهل ينتزع المبعوث الأممي الفرصة السانحة والمشروعة قبيل البدء بإجراء المفاوضات المقبلة ، أم أن سوء الحظ سيُحالفه كما هي عادته دائما ؟!!