توقعات التسوية في اليمن
د. أمين الغيش
نتوقع أن يكون هناك تسوية سياسية ولابد من الوصول إليها وبالذات مع توازن القوى بل وانتقال زمام المبادرة إلى أيدي الجيش واللجان الشعبية والأمن والمتطوعين من رجال القبائل ، والجبهة الداخلية متماسكة والروح المعنوية لديهم عالية جدا وعندهم استعداد غير عادي إلى الاستمرار في المواجهات والدفاع عن القرار السياسي اليمني المستقل ولديهم ثقة عالية بالنصر مؤمنين بوعدالله في ذلك ” أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ” ولديهم قناعة من أن العدوان قد وصل إلى نهايته المحتومة وأنه لن يستطيع الاستمرار منطلقين في ذلك من قوله تعالى : ” ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن كُنتُم تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون ” .
عندما يكون ميزان القوى في الجبهات بهذا الشكل بل وترجح فيه كفة الجيش واللجان الشعبية ، باستثناء سلاح الجو ، فإن التوقع بضرورة أن تكون هناك تسوية سياسية يكون أمرا حتميا .
واعتقد أن التصعيد الحاصل في هذه الأيام الذي بدأ مع ما سمي بجنيف لا يدل على تفوق للعدوان على الجيش واللجان الشعبية بقدر مايعكس حالة من الفشل الذريع لقواته وعملائه ومرتزقته في جميع الجبهات .
لا حظ أخي ، سأذكر لك هنا ملاحظة قد يرى فيها البعض مفارقة ، وهي أنه ورغم التفوق للجيش واللجان في جميع الجبهات إلا أنني أتوقع استمرار العدوان وإن اختلفت وتيرته من حيث التصعيد في الغارات الجوية أو التخفيف منها وستبقى أهدافه مدنية كما كانت لتؤكد لنا مدى الفشل والإحباط والتخبط لدى قيادة العدوان وداعميه ، والسبب في ذلك هو عدم التمييز بين ما هو صراع داخلي وإن كان بأدوات خارجية ، وبين ماهو عدوان خارجي وله أدوات داخلية ، ولكل منها أسلوبها وأطرافها وطريقتها في الحل ، وعليه ، اعتقد أن نهاية سريعة للعدوان ورفعا للحظر وتحقيق تطلعات اليمنيين في الحرية والاستقلال ، ويعكس نجاحات الجيش واللجان الشعبية والأمن وصمود الشعب اليمني في مواجهة العدوان يمر من خلال إعادة النظر في مسارات الحوار التفاوضية التي يمكن تحديدها في مسارين اثنين هما :
– مسار يمني – يمني
– مسار يمني – سعودي .
المسار الأول : اليمني – اليمني .
ويشمل كل الفاعلين السياسين من أحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والتكتلات الوطنية والأكاديميين والشخصيات الاجتماعية والمرأة والشباب والعلماء الرافضة للعدوان .
على قاعدة رفض العدوان ومقاومته وعلى أن الصراع بين اليمنيين صراع سياسي .
وفيه خياران :
الخيار الأول : التوافق على تشكيل مؤسسات الدولة وملء الفراغ ( المجلس الوطني الانتقالي ، مؤسسة الرئاسة ، الحكومة وعودة مجلس النواب بوظيفة تشريعية فقط ، وآلية ذلك إعلان دستوري تكميلي تصدره اللجنة الثورية )، يجري هذا الحوار بين الأطراف المذكورة في العاصمة صنعاء بغض النظر عن استمرار العدوان من عدمه .
الخيار الثاني : أن يذهب الجميع لتنفيذ تفاهمات موفنبيك التي تمت بين القوى السياسية بمساعدة السيد جمال بن عمر وإشراف الأمم المتحدة .
على أن يصدر بها قرار من اللجنة الثورية العليا .
لأن تفاهمات موفنبيك وقبلها الآلية التنفيذية هما إعلانان دستوريان مثلهما مثل الإعلان الدستوري الذي صدر عن اللجنة الثورية العليا في 6 فبراير 2015م.
المسار الثاني : المسار اليمني – السعودي
كما أتصوره وأراه إجابة على سؤالك أخي العزيز لإنهاء العدوان ورفع الحظر ومن ثم إنهاء حالة الحرب بين الدولتين ، حوار النّد للند ، وعلى قدم المساواة على أن يعقد في دولة محايدة ، ووفق أسس فرضتها المواجهات في الميدان ، منها : أن يعلن العدوان وقفا لعدوانه أولا ورفعا للحظر ثانيا وتقديم اعتذار للشعب اليمني ثالثا ، والاستعداد بدفع التعويضات وإعادة الإعمار رابعا ، وكذلك إعلامه قبول مناقشة كل القضايا التي ستطرح على الطاولة خامسا .
واعتقد أن حوارا تفاوضيا كهذا لابد أن تكون له مضامين وقضايا أساسية تهتم بمستقبل العلاقات بين اليمن ودول العدوان تؤدي إلى احترام وترسيخ قواعد العلاقات الدولية المتمثّلة في مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة في المادتين الأولى والثانية من الميثاق على أن تشارك في هذه المفاوضات الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وممثلين عن المنظمات الدولية والإقليمية لأن نتائجها ستكون ملزمة للجميع لأنها مفاوضات بمثابة مؤتمر دولي أشبه بما تم بعد الحرب العالمية الثانية ، لأنه سيعيد النظر في السياسات التي تمارس اليوم .
هذا المسار هو الذي يمكن من خلاله إنهاء حالة الحرب بين اليمن والسعودية مستقبلا ، صحيح أن هناك حلفا تشكل لهذا الغرض ، غير أن الناس في اليمن يعتقدون أن السعودية ومن خلفها أمريكا وبريطانيا ومعهم الإمارات هم الأعداء الحقيقيون لليمن والسعودية في المقدمة .
نعم ، تستطيع السعودية إنهاء العدوان ورفع الحظر على اليمن من طرف واحد دون الدخول في مفاوضات مباشرة مع الجانب اليمني ، لكن ذلك لا يعني نهاية للحرب .
الحرب لن تنتهي إلا باتفاق بين الطرفين اليمني والسعودي ، واعتقد أن دخولهما في مفاوضات الآن أفضل ، توفيرا للمزيد من الدماء والخراب والدمار ، وتخفيفا لحدة الاحتقان والكراهية بين الطرفين .
أخيرا ، اعتقد أنه بدون تحديد المسارات التفاوضية وأطرافها لا يمكن لدول العدوان أن تجنح لأي تسوية طالما بقي لديها شعور بأنها الأقوى ماليا وتحتمي بحلف اسمته عربيا ولديها القدرة على تجنيد المرتزقة من كل أنحاء العالم وبحماية دولية أمريكية وبريطانية وغض طرف من قبل الأمم المتحدة .
بالشكل لا يمكن
ذلك ما نعتقده ونراه ، وفقا للمعطيات وليس على أساس الرغبة والهوى ولكنه الواقع ، والحديث عن المسارات هو حديث علمي وواقعي ، لأنه لا معنى لمفاوضات بين اليمن والسعودية عن طريق وكلاء لايقوون على شيء من شأنه إطالة أمد العدوان وينفخ في روحه ويقدمهم ” الوكلاء ” وكأنهم أعداء اليمن وهم وراء الاستمرار في العدوان والحصار ومعاناة اليمنيين لا السعودية والحقيقة غير ذلك .
• كاتب عربي