هموم صحفية
يحيى محمد العلفي
سألني أحد الأصدقاء: لماذا لم أعد اكتب كثيراً كما كان الحال في ما مضى، أي يوميا وفي أكثر من مطبوعة صحفية، وعن العديد من القضايا والشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والعلمية…الخ.. وحيال هذا السؤال المهم احترت في الإجابة عليه بل ووقفت أمامه مشدوها كيف أرد على صديقي وبأي الأعذار أجيبه؟ فإن قلت عامل العمر والسن فإن الفكر لا يشيخ ولا يعجز.. وإن أجبته بمشاغل الحياة وهمومها ومعاناتها في هذا الزمن المتعب القاسي الشديد.. أو رددت عليه بكثرة الغثيان والطفح الغث والسمين الذي تشهده صاحبة الجلالة في هذا العصر وما ظهر عليها من تطفل وتدخل لا يفقه في كلمتها حتى أبجدية الأصول والقواعد الأدبية والفنية في علم الصحافة.. ناهيك عن السهولة والهوان الذي وصلت إليه صحافة العصر الحديث وخاصة مع دخول موضة التقنيات الالكترونية كالنت والفيسبوك والواتس وغيرها بما جعل من الكتابة أمراً ميسوراً وفي متناول أي شخص بغض النظر عن التخصص أو الخبرة.. إذ لا داعي لكل هذه الأصول المعنية بفن الصحافة..
من هذا المنطلق أعتقد بأن صديقي العزيز قد عرف المقصد والمغزى من عزوفي عن الكتابة المستمرة وبأن مواصلتي لها في بعض الأحيان ما هو إلا ترويح عن النفس وإفراغ بعض ما هو عالق في الذهن لأنني في حقيقة الأمر لم أعد أستطيع الكتابة في ظل هذا الكم الهائل من صحافة البحث عن الشهرة والارتزاق لا سيما بعد أن رحل أعمدة الصحافة اليمنية إلى الرفيق الأعلى كالأستاذ محمد الزرقة وعلي العلفي وعبدالله الوصابي وعلي العمراني وعبدالله الشهاري وعلي الشنواح ومحمود الحكيم وعمر الجاوي ومحمد البابلي وباذيب وعلي حمود عفيف ومحمد العصار وغيرهم ممن أعرفهم أو لا أعرفهم ولم يحضرني ذكر أسمائهم وبقي منهم القلة الرواد أمثال الأساتذة الدكتور عبدالعزيز المقالح والمساح وعلي الرعوي وعبدالباري طاهر وعبدالرزاق باذيب ومحمود الحاج ويحيى طاهر الحكيم وعبدالرزاق باذيب ومحمود الحاج ويحيى طاهر الحكيم وعبدالودود سيف ومحمد المقالح ويحيى العلفي وسواهم ممن لم تحضرني أسماؤهم … إذ لم تعد للكتابة تلك المعاني الجادة والصور الناصعة ولم تعد الصحافة إلا وظيفة عادية شأنها شأن وظائف الدواوين العامة للخدمة المدنية تلتزم بمحافظة الدوام وحسب الأمر الذي جعلني وكثيراً من الزملاء نلزم الصمت ونجفف أقلامنا إلى حين يفتح الله علينا وعلى صاحبة الجلالة بوضع وبشعب يقدر قيمة الكلمة الوطنية الشريفة ويرعى كتابها والمنتسبين إليها بالقدر الذي تستحقه أو كما هو سائد في البلدان والشعوب الأخرى.
حينئذ ستجد الأقلام، وقلمي أحدها، طريقها إلى معالجة وطرح قضايا وهموم الوطن والمواطن بكل تجرد ومصداقية وكشف الاختلالات والمفاسد التي تعتري الكثير من قطاعات الوطن ووضع النقاط فوق الحروف وفق استراتيجية إعلامية وصحفية واضحة تتحيز أو تنحاز إلى الوطن والمواطن البسيط أكثر مما تمجد مسئولاً أو حزباً أو قائداً وتأخذ دورها الريادي في توضيح الحقائق للرأي العام على المستوى الداخلي والخارجي ويتركز ذلك في الشفافية والوضوح وعدم المغالطة أو المجازفة في الطرح، بل يتوخى الكاتب الدقة والموضوعية بما يصيب في المصالح الوطنية العليا للوطن أرضا وشعباً.
عندها أيها الصديق العزيز سيكون قلمي وفكري في مقدمة الصفوف الصحفية التي تنحاز إلى الكثير من مطبوعاتنا الصحفية الوطنية الشريفة الرسمية منها والحزبية والأهلية… ولك السلام والتحية والاحترام.