الخليج.. ذلك المتخم بالمتناقضات..
أصبحنا نؤمن أن جيراننا المتخمون بالنفط والمال متخمون أيضا بالغباء السياسي والتاريخي والجغرافي وهي التخمة التي حولت الحكام إلى فزاعات حية يتوقف دورها عند حدود إخافة شعوبها ومواطنيها الذين تحولوا بفعل سياسات الاستعباد إلى عصافير تجفلها نسائم الريح ويرعبها اهتزاز الأغصان الجافة..
ملوك وأمراء، شخوص وأسماء، غير قادرة على التفكير والفعل السياسي -أثبتت الأيام عجزها وفشلها في استغلال ثروات بلدانها أو توظيفها لخدمة حاضر ومستقبل شعوبها ورغم كل ذلك لا تستحي عندما تقوم بتسخير الأقنية الإعلامية والنخبة وقادة الرأي والفعاليات الثقافية والسياسية المتخمة بالزيف لتناول الآخرين واتهامهم بالعجز والفشل لدرجة التدخل السافر في الشؤون الداخلية والتلاعب والعبث بحاضر ومستقبل الشعوب..
بصراحة حكام الخليج يحبونا أكثر من حبهم لشعوبهم ويهتمون بنا كثيرا ويحرصون على حل مشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولأنهم كذلك يجتهدون في حل مشاكلنا لدرجة العدوان والقتل والحصار والتجويع واستهداف البنى التحتية والمنشآت المدنية وتدمير المصانع والمدارس والجامعات والطرق والجسور والمطارات والمستشفيات و……و…….وإضافة المزيد من المتاعب والمشاكل والأعباء السياسية والاقتصادية على الشعوب العربية الفقيرة والمثقلة بالأعباء..
إنهم يحبونا كثيرا ويسعون لرفع الظلم والدفاع عنا ولتبرير شح أيديهم وبخلهم وحتى لا يقال أنهم لم يقدموا أو يمدوا لنا يد المساعدة اقتصاديا، يتحدثون عن غنانا الزائف ويكشفون عن حقوقنا الضائعة والمنهوبة من خلال تناول ما جمعه رؤساء وقادة الجمهوريات الفقيرة من أموال بل ويتفننون في اتهام زعماء دول الفقر المدقع بتبديد ثروات شعوبهم الفقيرة التي تناضل من أجل البقاء..
وتحت عنوان فضح الجلادين -كما يصورونهم في وسائل إعلامهم الموجهة- يؤلبون البؤساء ضد أنظمتهم وضد كياناتهم السياسية وضد أنفسهم لدرجة لا يقبلها عقل..
أخواننا الأعداء في الخليج -وخاصة أبواق الفتنة- لم يتركوا صغيرة من الزيف والدجل ولا كبيرة إلا وتناولوها وتفننوا في استثمارها واستغلالها لإلحاق الأذى بنا، لكن أحدا منهم لم يتساءل أو يجرؤ على الكلام عن فساد أنظمة الخليج أو الحديث عن الثروات التي يتم نهبها وتبديدها كل يوم وكل لحظة..
عشرات الملايين من براميل النفط وملايين من أطنان الغاز تنتجها دول الخليج يوميا تذهب عائداتها إلى حسابات الحكام “الفزاعات“ لكنها لاتعني شيئا للمواطن والإعلامي والمفكر والمحلل السياسي والاقتصادي الخليجي، ولذلك لم ولن نسمع صوتا لمن ذبحت هدوءنا وسكينتنا أصواتهم يتحدث عن ثروات الخليج المنهوبة أو يتساءل: إلى أين تذهب عائدات النفط والغاز و…و…إلخ.
ويكفيهم أن يعلموا أن ما يتم نهبه في الشهر الواحد يفوق الموازنات السنوية لكل جمهوريات الفقر المدقع لكن….
لقد أسمعت لوناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي..