مع استمرار الحصار من قبل قوى العدوان الخارجي على بلادنا الذي زامنه ضعف في الاقتصاد اليمني وفقدان الكثير من المواطنين الأبرياء لأعمالهم التي يقتاتون منها وأسرهم, أصبح ألهم عند المواطن همين, همّ البحث على لقمة العيش, وهم سداد إيجار المنزل الذي يسكن فيه . الصعوبات التي يلقاها المواطن اليمني في ظل متأخر الايجار الذي يتراكم عليه كلما استمر الوضع المأساوي, وكيف يتعامل المؤجر مع من لا يستطيع سداد الإيجار, وماذا ينصح علماء الدين حيال ذلك كله ؟! هذا ما جاد لنا الإجابة عليه في هذا التحقيق .
الأسرة / رجاء الخلقي
طرق الباب بحدة عدة مرات ولم يجبه أحد وكأن لا أحد يسكن المنزل سأله جيرانه ما بالك يا أبا أحمد ولماذا هذا الغضب: رد بصوت عال وبوجه مليء بالغضب المستأجر لم يدفع الإيجار منذ شهرين وكلما أتيت إليه يقول لي اصبر قليلاً. فالعدوان غير كثيراً من حياتنا للأسوأ وأفقدنا أعمالنا وأنا في ضائقة مالية ولولا هذا لما طالبت بالإيجار. وعاد أبو أحمد يطرق الباب حتى خرج المستأجر ليترجاه ويتوسل إليه من أجل أن يصبر عليه قليلاً حتى يصله المبلغ الذي طلبه من أخيه وأخبره بأنه بدون عمل وبأن أولاده دون طعام منذُ يومين وعزة نفسه تمنعه من طلب العون من أحد فالمعين هو الله تعالى.
وعد عبد السلام «المستأجر» المؤجر بأنه سيدفع الإيجار خلال أسبوع فطلب أبو أحمد حضور أحد الجيران ليشهد على أنه قد سامح عبدالسلام من دفع الإيجار حتى يأتي الفرج وقال: عوضي وعوضه على الله وسأصبر عليه فالتعاون والتراحم بيننا تربينا عليه منذ الصغر ولم يغير هذه الصفة أي ظرف.
قسوة القلب
رغم ان قانون المؤجر والمستأجر في بلادنا يضمن للمستأجر أن يبقى في المنزل ثلاثة أشهر إضافية حتى يتمكن من البحث عن منزل آخر للانتقال إليه إلا أن هذا القانون ليس له أي أهمية فصاحب المنزل هو المتحكم الوحيد بمصير المستأجر.
ليس كل المؤجرين يمتلكون قلباً رحيماً ويقدرون ظروف المستأجرين في ظل الأوضاع الراهنة فهناك قلة تفعل العكس, فها هو أبو عبدالمجيد يعود إلى منزله بعد زيارته لأخيه ليجد قفلاً كبيراً معلقاً على باب منزله فوق قفله الأساسي وحين سأل عن الفاعل قيل له هذا صاحب المنزل.. فخرج إليه المؤجر قائلاً: لن أفتح الباب إلا بعد أن تدفع لي إيجار السبعة الأشهر السابقة فقد صبرتُ عليك بما فيه الكفاية عُد من حيثما أتيت ولا تأت إلا والإيجار معك أما عن أثاث المنزل فسوف يكون مرهوناً لديّ لحين دفع الإيجار.
المسامح كريم
استغرب الحاج صولان الذي يملك عمارة في أحد الأحياء السكنية في حي الدائري من تأخر أحد المستأجرين في عمارته عن دفع الإيجار فقد وعده في الشهر السابق والذي قبله أنه سوف يُحضره بنفسه.
فقرر أن يذكره بالأمر فذهب إليه وطرق الباب فلم يجده وإنما وجد زوجته التي أخبرته بأن زوجها يخرج كل صباح للبحث عن عمل ولا يعود إلا ليلاً حتى أن زوجته باعت ذهبها من أجل توفير الغذاء لأطفالها السبعة وهم يمرون بظروف صعبة وبأن زوجها يأتي متأخراً حتى لا يراه صاحب المنزل لأنه لا يمتلك أي مبلغ لدفع الإيجار.. فقال: الحاج صولان أخبري زوجك أنه لا داعي للهروب فالبلاد كلها تمر بظروف صعبة وأنا أقدر ذلك لكن أخبريه أن يأتي فقد عفوت عنه من دفع إيجار الشهرين فنحن جيران وإخوة قبل أن يكون مستأجراً عندي وأخبريه أيضاً بأني خفضت الإيجار للنصف حتى ينتهي العدوان وتعود الأمور كما كانت.
واجب ديني
يرى علماء الدين بأن التكافل، والتعاطف ، والتناصح, والتواصي بالحق, والصبر عليه, لا شك أن هذا من أهم الواجبات الإسلامية, والفرائض اللازمة, وقد نصت الآيات القرآنية, والأحاديث النبوية, على أن التضامن الإسلامي بين المسلمين – أفراداً وجماعات, حكوماتٍ وشعوباً – من أهم المهمات, ومن الواجبات التي لا بد منها لصلاح الجميع, وإقامة دينهم وحل مشاكلهم , وتوحيد صفوفهم, وجمع كلمتهم ضد عدوهم المشترك، والنصوص الواردة في هذا الباب من الآيات والأحاديث كثيرة جدّاً, وهي وإن لم ترد بلفظ التضامن: فقد وردت بمعناه، وقوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر), وما جاء في معناها يدل دلالة ظاهرة على وجوب التضامن بين المسلمين, والتراحم والتعاطف, والتعاون على كل خير.