أنا والآخر أنا

هناك الكثير من الجنوح إلى الفوقية ، والاستعلائية المفرطة التي تُغيّب الوعي عن المفهوم الحقيقي للإنسانية ، وعن فهم حقيقة البؤساء وفقراء الشعوب والكادحون .بين الاستشراق والاستغراب ضاع الإنسان ، فهناك طغيان في سوق المصطلحات والمفردات الجوفاء التي تمنح التعالي ، والرتب الفخرية التي لا مقياس لها في واقع أو ميدان .. يحتمي ذلك العظم في رقاقة لحم جلدية ، يبدو بروزه ظاهرا على ذلك الانسان المحكوم عليه بالتصنيف كائن عربي بسيط لا يمكنه أن يُمنح هوية إنسان فيختزل إلى مادة إعلامية يتاجر بها المزيفون والمنظرون لذلك الانسان المحرر لفظا والمقتول أرضا والمرسوم حقه في أورقة القصور الأممية ، والمسلوب أرضه وحريته وكرامته في ميدان الواقع ، إنه ذلك الإنسان المزخرف بمداد المفكرون والصوت النشاز في المحافل والمؤتمرات وأروقة السفارات، إنسانا كلمة لا وجود له في الأصل .. من أنت ومن الآخر ، أنا والآخر أنا ، رؤيتي أنا والآخر رؤيتي ، عقلي أنا والآخر عقليتي ، إدراكي أنا والآخر إدراكي ، ما هذا الذي يحصل ، إنه العقل غزا العقل ، إنه داء الأنا بما يريدون وبما يفكرون وبما يمجدون ، إنه اللاإنساني غزا الإنسان فراح يجمهر للإنسانية ، ومفرّغ من إداء إنسانيته في محيطه ، الإنسان هو ذلك الصورة التحفية المبهرة ، وهو ذلك اللوحة المرسومة بألوان جميلة في أبعاده الثلاثة أو المنقوش على أضرحة المقابر ، هو تلك الروح التي لا تُدرك ، والجسد المدفون تحت رمال الملوك ، ، أو مصلوبا على جدران الكنائس ، ، أو الرماد المحروق ، أو المصلى عليه صلاة الغائب ، في دواوين الاستبداد ، نبحث عن الإنسان بمنظور هناك وليس هنا ، نبحث عن المصير هناك وليس هنا ، نبحث عن الإنسان ونقترح مصيره بمنطق وقانون الدول العظمى حيث أعتى أسلحة الدمار الشامل للإنسان والأرض ، ونتسول إنسانيتنا واستقلالنا بين أيديهم بلا شموخ ولا عزة ، ولا كرامة هنا ، هي العبودية المذلة ، وليس بوابة الحرية ، والاستقلال ، عندما لا تكتب يدك هدفك ، ولا تصنع قدمك تاريخك ، ستضل الضمير المستتر في جمل اللغات الكهنوتية ، لن ترى النور من الشمس ، وما زال معصمك محاطا بمصباح ، ليلك معلق في حدائق الحلم المسلوب والرؤية التي لم تتحقق نبوءتها ؛ لأن الكتاب ما زال في يديك أساطير الأولين وخرافات سطرته أقلام الماضي ، وشعراء البلاط الياقوتي.. وكيمياء العيش وماء الحياة أن تحول إلى ماء النار فتسابق المغفلون للتنافس على كيمياء الموت ، فتبدلت أبجديات الأسماء الطاهرة إلى أفعال السطو والطغيان ، فصار الميم حاء فمات السلام في جناح الطير الأبيض وعاش السلاح ليبقى التفاعل بين الطين والدم ، بين الكرامة أو الذل (أو) الاختيار والعقل الانساني يسبح في هذا الفلك لأنه منحته … في رحلة البحث عن إدارة العالم من موقع قدمك أبدأ فالناس مناخات وتلعب بهندسته الجينية ، فالتهجين لا يدوم ، فالإنسانية تعايش وليست سطوا ، فلا تفرعن إنسانية قوم على حساب إنسانية قوم آخرين ، لأنه إيجاد مساحات لطغيان عقل على عقل آخر فالإنسانية متعددة بتعدد الخلق فالخلق تناسل وليس تناسخ ، نتشابه لكننا لا نتطابق ، وإيجادها لا يتم إلا تكاملا ، هناك إنسانية ولكن هنا أيضا إنسانية ، تعترف بإنسانيتهم ، وإنصافا واحتراما لعقلك لك خصوصية إنسانيتك ، لا تبيع نفسك ، ولا تحاول أن تشتري الآخرين ، قانون الاحتكام ومبدأ الحكم خلق بدهية أننا نختلف في إدارة الحياة ، لأن الحياة سبل كما الطريق في الأرض، وفي جو السماء سبل … والمال تداولا ليس كما المال تسولا، فهناك في الأول أنت مفاوض وفي الأخير أنت مقايض … الإنسانية تكامل عليهم أن يحترموك ، وعليك أن تحترمهم ، والحق للكل في أن يعيش دون طغيانٍ أو اعتداءٍ ، فأنا إنسان وهو إنسان ، فلست أنا كل الإنسانية … فجملة (أنا والأخر) يجب أن تُحمل بمفهوم (أنا والآخر سوى) جاءت منه أو أتت مني ، ووجد هذا المفهوم وسافر إلى عقول المفكرين والمثقفين ، فلا تكن مفكرا خائنا ، ولا تضع نفسك تحت شعار خيانة المثقفين ، أوجدوا هذا المفهوم ؛ لأن الإنسانية تكامل بطرحهم للآخر ، وليس أنا وأنا إذا لا تكن خائنا ولا تطغى في الميزان ، نكتفي بهذا السرد إلى مجال آخر …
يمن الإنسانية سينتصر
يمن الحوار سينتصر
يمن السلام سينتصر
يمن الإيمان سيبقى
يمن الإيمان لن ينتزع
إيمانه أحد ولن يقدر
على إخضاعه أحد
حتى لو حاربنا العالم
كله، فلنا خصوصيتنا
ولنا رسالة عربية
ستصل إلى كل العالمين

قد يعجبك ايضا