أهلا يناير.. أنت في بيتك!!
كمال البرتاني
بعد تعيين عيدروس الزبيدي محافظا لعدن، وشلال شايع مديرا للأمن “أو محافظا للمحافظ”، رسمتُ خارطة بسيطة وواضحة للطرق التي يمكن أن تسير عليها القوى المتواجدة في عدن: الحراك الانفصالي المسلح، القاعدة وداعش، قوات الجيش والأمن الموالية لهادي، ومليشيات هادي التي تم استقدامها من أبين، إضافة إلى ميليشيات ما تسمى المقاومة “وهي خليط من الشبان العاطلين ومسلحي الجماعات السلفية، وعناصر حراكية وأخرى إرهابية “.
في كل مرة، كانت الخارطة التي أرسمها تصطبغ بالدم، والطريق تؤدي إلى الهاوية؛ والسبب أن لكل قوة لحنها الخاص وأمانيها المختلفة، التي لا تلتقي أبدا مع مصالح وأهداف الآخرين.
وربما، كان تعيين الزبيدي وشلال– وهما قياديان في حراك الضالع- هو صافرة البداية للحشد والتعبئة؛ فالرجلان يؤمنان بالحلول العنيفة، ويحيطان نفسيهما بالرموز الانفصالية، ويسيران مع البقية “بتصميم” على خطى رفاق الأمس، الذين صنعوا مأساة الـ13 من يناير عام 1986.
كلّ طرف بدأ يستعد لمعركة قادمة، لا مناص منها. الحراكيون يعتقدون أن فرصة تفكيك عربات القطار قد حانت، والإرهابيون يظنون أن ابتلاع عدن أصبح أمرا ممكنا أكثر من أي وقت مضى، وهادي لا يزال مصمما على تجريب اختراعه الذي ولد ميتاً “الدولة الاتحادية”.
وثمة قوى أخرى، من ردفان ويافع وغيرهما، أطلقت النفير لمنع “أصحاب الضالع” من السيطرة على العاصمة الاقتصادية. والمفارقة المؤلمة أنهم جميعا يتحركون بأموال سعودية وإماراتية، وكأن الرياض وأبوظبي تقولان: “علينا الزيت وعليكم الحطب”!!
الريال السعودي والدرهم الإماراتي جمعا كل هؤلاء الفرقاء في مواجهة الجيش واللجان الشعبية، وهما الآن الوقود الذي يغذي الصراعات. والدليل أن الغزاة، خلال اشتباكات الأحد، لم يحركوا ساكنا. تابعت التطورات وتوقعت أن تتحرك آلياتهم وطائراتهم، على الأقل لكي يُفهموا الإخوة الأعداء أن وجودهم ضروري لمنعهم من التناحر.
كانت أصوات الرصاص تعلن بدء الجولة الأولى من المواجهات، ممزوجة بالشخيرالعالي لمدرعات ودبابات الغزاة، وهي تغط في نوم عميق، بينما كانت عدن تتمتم بأسفٍ: “أهلا يناير . . أنت في بيتك”!