إنه الرحمة المهداة .. لنتأدب ..!!
في هذه اللحظة ينتابني حنين جارف لزيارة مقام سيد البشرية رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم .. وفي هذه اللحظة أتذكر ذلك الإحساس الخاص الذي سيطر علي وأنا أسمع الإمام وهو يقرأ في مسجد سيد المرسلين ” لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد “.
· وعلى وقع هذه المشاعر الفياضة بالمحبة المترافقة مع ذكرى المولد النبوي الشريف أشعر بالأسى تجاه حفنة الكتبة الطائشين الذين استغلوا الاحتفاء بجلال المناسبة وعظمتها لممارسة شتى صور الإسقاط السياسي البائس على النحو الذي خطّه كاتب طبيب يدعي مداواة الناس وهو عليل، وبطريقة لا تعكس إلا حصاد التربية الخاطئة لنفر لا يشفع لهم الحضور في تطويع الكلمة لحصد لايكات الإعجاب لكنهم لا يعملون حساباً للخوف من الله .
· صحيح أننا نعيش في جو إعلامي خادع ، وأن أخطر ما في الإعلام هو تحوله من إعلام هدفه الحقيقة إلى سلاح تصفية الحسابات السياسية ولكن.. من قال بأن هناك ما يبرر أن لا يسلم من هذا الخداع حتى الدين .
· وليست هذه التجاوزات الفجة يتيمة أو عارضة ، لكنها تخدش الضمائر مع كل ذكرى لميلاد أشرف الخلق .. وفي كل مرة يلح سؤال على خاطري ولا أجد له تفسير محترم أو حتى غير محترم من أصحاب رأي يتجاوزون على نبي الله بتناحة وغباوة تغفل أن الرأي الذي يولد الجهل والسفاهة ليس رأياً مهما فسرنا بأن آلية العقل عند هؤلاء تعمل بصورة مختلفة كحصاد للعقد الجهوية والتربية الخاطئة التي لا تراعي في العقيدة إلاً ولا ذمة .
· والكارثة أن نجد ممن يحسبون أنفسهم بل ونحسبهم أهل علاقة بالدين والشريعة من يستقبلون هذه البذاءات إما بالرد الخجول أو التبرير البائس أو بالصمت السلبي ليساهموا في تشجيع الأساليب التي تجعل نفر الوقاحة يرون في فجورهم مصدر فخر .. ومن عجب أن من الذين طالما اكدوا لنا أن لحوم العلماء مسمومة من يصمت ويتواطأ ولا ينفعل ويغير إلا إذا جاءت مثل هذه الإساءات من الأغراب في هولندا أو فرنسا أو السويد مع أن الإساءة إلى الله وإلى رسوله من المحسوبين على الإسلام أشد على القلوب والعقول والضمائر وله أحكامه المعروفة في الشرع.
· ولقد قرأت لأحد المشائخ ممن يأخذون مواقف معادية للاحتفال بمولد الرسول بأنه لا خلاف على أن محمد رسول الله هو سيد ولد آدم وأحق بالمحبة من الأم والأب بل وأن محبته مقدمه على النفس والولد والوالد، وبأن له من المناقب والفضائل مالم يكن لغيره ، لكنه يضيق بالاحتفاء بمناسبة ميلاد الرسول الكريم بمبرر عدم دقة التأريخ أو البدعة ليلتقط السفهاء الملاحظة ويحولونها إلى إساءات وإلى إسقاطات سياسية تسيء الأدب تجاه الرسول بحجة ما يحدث من صراع على الأرض مع أنه كان يكفي أن يقال بأن المطلوب ونحن نبتهج بالمناسبة أن نتمثل بروح الرحمة المهداة وتعاليمه .
· مؤسف جداً أن نقرأ ما قرأناه من التجاوز على رسول الله ونشاهد أصحاب كلمة ورأي ديني وإعلامي يتمتعون بالأدب لكنهم يتغاضون عن مثل تلك الإساءات دفاعاً عن قليل الأدب وكأنهم رعاة رسميون لكل حماقة ومسخرة .
· ويا ألف سبحان الله .. رسول عظيم يخدم معه أنس بن مالك عشر سنين فما قال له أف قط .. رسول انتقل إلى بارئه وهو يردد ” أمتي.. أمتي ” كأبرز أمثلة على تجليات ما يتمتع به من الرفق والرحمة فيكون بيننا من يسيء إليه بطيش وغباء وحقد .. متناسياً أن الله جل علاه يزيد على كل من يصلي على رسوله مقابل كل صلاة عشر صلوات .
· يا هؤلاء ..
دعونا نصلي على رسول الله في ذكرى مولده بسلام بعيداً عن هذه البذاءة التي يقابلها بعضنا بالرضا والانسحاق تجاه عقد سياسية ليس محلها هذه المناسبة.
.. لنصلي عليه .. لعل شفاعته تدركنا .. إنه الرحمة المهداة وليس أقل من أن نتأدب.