94 فاصل 9
لا خطط ولا مشاريع .. رأسه اليوم فارغا إلاَّ من الهموم والهواجس تتزاحم في جمجمته وتتقافز مثل حبات الذرة في المقلى.
لا مزاج حتى للقراءة . القات كان ” كلعة ” . لكن لا بأس ، ذهب النهار، وهاهو الليل يقترب من منتصفه .
عرض جسده للنوم باكرا على غير العادة ، فأتاه بعد غنج وعناد ، لكنه سرعان ما أسلمه فريسة تنهشه الكوابيس .
صحى من نومه أو كوابيسه على هدير محركات ” إف 16 ” . تحسس هاتفه النقال لمعرفة الوقت ، وكان بين الثانية والثالثة قبل الفجر .
أصوات الطائرات تعلو وتنخفض في سماء العاصمة صنعاء مبددا سكون الليل . لم يعد أصوات هذه المقاتلات والقاذفات يثير فيه سوى الملل .. إلى متى ، لم كل هذا ، وماذا بعد ؟!.
أخذ ينقر بسبابته على شاشة الهاتف بحثا عن ملجأه الخاص . غرس سماعة الهاتف في أذنيه ، واستقرعند ” إف إم 94 فاصل تسعة ” ليبدأ عملية التشويش على ” إف 16 ” .
وفي حضرة المرشدي ، الآنسي ، أيوب ، أبوبكر ، نسي همومه وهواجسه . شعر بالأمان والإطمئنان على نفسه ووطنه .. وطز في ” إف 16 و 15 وبلاك ووتر والجنجويد وكل العملاء والمرتزقة .
ومثل ناسك في محراب ،أغرورقت عيناه بالدموع . حاول مسحها بما ألتقطته يده في الظلام ، فشم رائحة حذائه . رمى جوربه في جدار الغرفة بضجر وهو يصرخ : إف …
نهضت ” سعيدة ” من نومها تسأله : مالك ، إيش في ! أول مرة تسمع ” إف 16 ” ؟!.
لا يا سعيدة . هذه ” إف 39 ” أنتي مش عارفة كم لفيت في ” الدقي والعجوزة ” وأنا أدور عليها . وكانت برضه ” كلعة ” قالوا لي مصرية ، والماركة ” نفرتيتي ” طلعت تايوان ، وما تسواش نفر كشري .
aassayed@gmail com