فريق وطني وخبراء يضعون مسودة تشريعات جديدة تحفظ حقوق الطفل الحلقة الأولى


كتب / زكريا حسان –
مقترح بتعديل 55 قا نوناٍ ولائحة لتوفير نظام حماية شامل يستوعب المتغيرات
في إطار الحماية التي تسعى الدولة إلى توفيرها للأطفال صادقت اليمن على العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية وعملت على إصدار قوانين خاصة بالطفل لكن التطور الإنساني السريع وظهور أحداث وتبلور رؤى جديدة جعل الواقع الموضوعي والظروف المستجدة تتجاوز نطاق بعض الأحكام الواردة في تلك القوانين و كشفت عن قصور ونقص فيها أو عدم ملاءمة ونتج عن ذلك واجب احتياجات ملحة إلى إعادة قراءتها وتعديل بعضها واستكمال نواقصها من أجل صياغة جديدة تستجيب لهذه المتغيرات والتحديات وتعزز التزامات اليمن على الصعيد الدولي من هذه المنطلقات ونتيجة لتبني المجلس الأعلى للأمومة والطفولة ووزارة الشؤون القانونية بالتعاون مع منظمة اليونيسف والاتحاد الأوروبي مشروع تعديلات قانونية بادرت حكومة الوفاق الوطني في الجمهورية بتشكيل فريق وطني من أربعة عشر ممثلا عن جهات حكومية ومنظمات المجتمع المدني بالإضافة الى خبيرين وطنيين لمراجعة وتطوير التشريعات الوطنية المرتبطة بالطفل وخبير دولي في مجال حقوق الطفل والتشريعات لتيسير عمل الفريق وإسناده بالدعم الفني والمشورة.
مراجعة شاملة
بدأ الفريق عمله بمراجعة شاملة للدراسات والأبحاث والتقارير والمبادرات التشريعية المعدة خلال السنوات السابقة وحصر وتحديد المعايير الدولية المتعلقة بالطفل ضمن المنظومة الدولية للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ومراجعة شاملة لكافة الالتزامات الدولية المترتبة على اليمن بشأن حقوق الطفل بما في ذلك التوصيات الختامية من لجنة حقوق الطفل وتوصيات المراجعة الدورية الشاملة عن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومراجعة شاملة للتقارير الصادرة عن لجان تقصي الحقائق حول اليمن وكذلك قرارات مجلس الأمن الدولي والنصوص المتعلقة بالطفل منها وكافة التشريعات الوطنية المرتبطة بالطفل وحصر النصوص المتعارضة وأوجه القصور وجوانب النقص فيها وقام الفريق بتقصي الاحتياجات التشريعية للأطفال من وجهة نظرهم ووجهة نظر العاملين معهم من خلال إشراك أوسع قاعدة مؤسساتية عاملة مع الأطفال في مختلف محافظات الجمهورية وضمان مشاركة مختلف فئات الأطفال علاوة على تطوير آليات لجمع البيانات والمعلومات والتغذية الراجعة من الميدان باستخدام منهجية: اللقاءات الفردية مجموعات عمل بؤرية وزيارات ميدانية وورش عمل.
نفذت العديد من الأنشطة الهادفة ضمن سياق الخطة التنفيذية للمشروع لبناء ورقة السياسات خلال الفترة الممتدة من 22/7 وحتى 30/9/2012م تمثلت في تنفيذ 18 نزولاٍ ميدانياٍ لجهات مختلفة تعنى بالأطفال ( سجون مراكز حماية دور رعاية مؤسسات صحية وتعليمية وصحية منظمات شبابية منظمات مجتمع مدني) وعقد 23 لقاءٍ معمقاٍ مع ناشطين وعاملين في مجال حقوق الطفل من بينهم عدد من الوزراء في الحكومة اليمنية وكذلك مع أطفال في خطر بالإضافة لذلك تم عقد 7 مجموعات مركزة للأطفال في المؤسسات الإيوائية ودور الرعاية المختلفة شملت الأطفال من كلا الجنسين وتنظيم 12 حلقة نقاش متخصصة للعاملين مع الأطفال شملت محامين وقضاة ووكلاء نيابة وخبراء اجتماعيين وعاملين في مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية وأطفالاٍ مهاجرين وتم عقد جلسة خاصة لبرلمان الأطفال خرجت بتوصيات هامة.
اشكاليات وحلول
قسم الفريق الوطني ورقة التعديلات السياسات إلى محورين أساسيين هما: محور تحليل للوضع الدستوري والقانوني القائم فيما يتعلق بحقوق الطفل ومحور الإشكاليات والتحديات المرتبطة بالوضع الدستوري والقانوني القائم وتقديم المقترحات والمبادئ الإرشادية لتعديل وتعزيز القوانين المرتبطة بالطفل.
أكد المحور الأول أن الدستور تضمن قاعدة دستورية واضحة حول حماية الأمومة والطفولة وواجب الدولة في رعاية النشء والشباب كما في المادة (30 ) من الدستور ووفقا للمادة ( 6) من الدستور فقد وافقت الدولة على العمل بميثـاق الأمم المتـحـدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثـاق جـامعة الدول العربيـة وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصـورة عامـة وتوجت الجمهورية اليمنية التزاماتها بمصادقتها على «اتفاقية حقوق الطفل» الدولية في العام 1991م.
ويرى الخبراء انه في اطار التنظيم القانوني لحقوق الطفل في اليمن صدر قانون الطفل رقم (45) لسنة 2002م ويعتبر قانوناٍ حديثاٍ نسبيا ويمثل الإطار القانوني الرئيسي لمعظم الأحكام الخاصة بحقوق الطفل لكنه احتوى مجموعة من الثغرات وبعض التعارضات مع المعايير الدولية ذات العلاقة مما يحد من تكاملية الحقوق الواردة فيه ويجعل نصوصه أحيانا تتسم بالغموض واحتمال التأويل الذي يتعارض مع مصالح الطفل الفضلى وفي مجال العدالة الجنائية للأحداث صدر قانون رعاية الأحداث رقم 24 لسنة 1992م المعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1997م وتضمن القواعد والأحكام الخاصة بجنوح الأحداث وحالات التعرض لخطر الانحراف إلا أن هذا جاء قاصرا في العديد من النواحي عن تلبية المعايير الدولية الحديثة في مجال عدالة الأحداث بالإضافة إلى غياب النصوص القانونية التي تلبي احتياجات الأطفال ضحايا الجريمة والشهود عليها وفيه الكثير من النصوص المنظمة لحقوق الأطفال وردت في متن قوانين أخرى مثل قانون العقوبات وقانون العمل وقانون الأحوال الشخصية وغيرها من القوانين التي جاءت في كثير من الأحيان متعارضة مع بعضها البعض وغير متوائمة مع المعايير الدولية.
ثغرات ونواقص
المحور الثاني الخاص بالإشكاليات والتحديات المتصلة بالإطار القانوني والواقعي القائم والمعالجات والحلول المقترحة أشار الى ان الإشكاليات المرتبطة بالإطار القانوني لحقوق الطفل في اليمن تنطلق أساسا من وجود قوانين حديثة ولكنها تحتوي بعض الثغرات والنواقص التي تحتاج إلى مراجعة وتعديل بهدف تعزيز أكبر لحقوق الأطفال في اليمن باعتبارهم الرصيد الاستراتيجي والمستقبلي لنهضة اليمن وتحقيق التنمية المستدامة وتوفير كافة الموارد اللازمة للارتقاء بالطفولة لخلق بيئة تشريعية داعمة وصديقة للأطفال تنمي انتماءهم لليمن حضارة وشعباٍ وتاريخاٍ ومن الأولويات الرئيسية في هذا السياق جمع وتوحيد النصوص القانونية الناظمة لحق الطفل في تشريع واحد موحد هو قانون الطفل وضمان مشاركة الأطفال ومصالحهم الفضلى في كافة الإجراءات والقرارات المتخذة بشأنهم من جهات الاختصاص ومراجعة كافة القوانين الوطنية ومواءمتها مع المعايير الدولية ذات العلاقة مع مراعاة الموروث الحضاري الإيجابي في اليمن.
ورأى الفريق الوطني أن من الإشكاليات المرتبطة بالواقع الدستوري والقانوني القائم بعد المراجعة التشريعية لـ55 قانوناٍ ومشروع قانون ولائحة تنفيذية وحصر القوانين واللوائح ذات العلاقة المباشرة بحقوق الطفل.. أن الدستور لم يبين مدى القيمة الإلزامية للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها اليمن وخاصة اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها بالمقارنة مع نفاذ التشريعات الوطنية مما يفتح باب الاجتهاد في تأويل قيمة هذه المعاهدات فيما لو تضاربت نصوصها مع نصوص التشريعات الوطنية بالإضافة الى خلو الدستور من بعض الأحكام الضامنة لحقوق الطفل المدرجة في الدساتير الحديثة للبلدان الأخرى كضرورة وضع تمثل المبادئ العامة والأساسية لحقوق الطفل مدنية وسياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية والحماية الخاصة من العنف والاستغلال والتجنيد وفصلهم عن البالغين في حال احتجازهم وأن اللجوء لاحتجازهم ملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة. وإضافة نص دستوري يضمن تمتع الأطفال بالحقوق المعترف بها دولياٍ وفقاٍ لاتفاقية حقوق الطفل والمواثيق التي وقعت عليها الدولة ويحمي كرامة الأطفال في خلاف مع القانون.

نص مقترح
واقترح فريق تعديل التشريعات وضع نص في الدستور اليمني الجديد يعالج حقوق الطفل والإشكاليات السابقة كما يلي:
(رعاية الأمومة والطفولة واجب وطني ويتمتع الأطفال بالحقوق المعترف بها دوليا والحقوق الواردة في الشريعة الإسلامية والاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية التي صادقت عليها الجمهورية اليمنية وعلى وجه الخصوص اتفاقية حقوق الطفل وللأطفال ذكوراٍ وإناثاٍ الحق في:
1.الحماية والرعاية الشاملة.
2. أن لا يستغلوا لأي غرض كان ولا يسمح لهم بالقيام بعمل يلحق ضرراٍ بسلامتهـم أو بصحتهم أو بتعليمهم.
3. الحماية من الإيذاء والمعاملة القاسية .
4.يحرم القانون تعريض الأطفال للضرب والمعاملة القاسية من قبل ذويهم أو متولي رعايتهم أو تعليمهم أو إيوائهم.
5. أن لا يتم اللجوء الى احتجاز الأطفال في خلاف مع القانون إلا كملاذ أخير بعد استنفاد كافة التدابير الأخرى وأن يفصلوا إذا تم احتجازهم أو حكم عليهم بعقوبة سالبة للحرية عن البالغين وأن يعاملوا بطريقة تستهدف إصلاحهم وتتناسب مع أعمارهم وأن يكون لهم محام للدفاع عنهم في كافة إجراءات ومراحل المحاكمة.
6. أن لا يجندوا أو يتم إشراكهم بشكل مباشر في النزاعات المسلحة وأن يتمتعوا بالحماية في أوقات النزاعات المسلحة والكوارث وحالات الطوارئ.
7.تكون لمصالح الطفل الفضلى أهمية تسمو على ما عداها من اعتبارات في كل ما يخص الطفل.
8. لإحكام هذه المادة يعني مصطلح الطفل كل إنسان لم يتم الثامنة عشرة من عمره ) واقترح إعادة صياغة نص المادة 118 من الدستور لتصبح (( يتولى رئيس الجمهورية إصدار قرار المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات التي يوافق عليها مجلس النواب والاتفاقيات التي لا تحتاج إلى تصديق مجلس النواب بعد موافقة مجلس الوزراء وتكون للمعاهدات والاتفاقيات التي يوافق عليها مجلس النواب قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية)).
وسنتناول في الاعداد القادمة مزيداٍ من الاشكاليات والتعديلات المقترحة لنصوص أخرى.

قد يعجبك ايضا