لحظة يازمن.. اللغة ..
إن اللغة هي المعمار الخفي الذي يتشيد به الفكر ويستقيم ولولا هذه الأسرار المنكشفة لما فهمنا أسباب تعذر الترجمه المثالية بين اللغات فالجميع يسلمون بأن نقل الدلالات، والمقاصد من لسان طبيعي لأخر هو- على الدوام- الفعل المنقوص بالضرورة.
ثم متى يسلم أصحاب الأمر في وطننا العربي، بكل أطراف المعادلة أن السيادة مستحيلة بدون سيادة ثقافية لغوية، وأن إمتلاك لغة الآخر سلاح ليس له إعتبار تقديرى في السياسة والإقتصاد والثقافة إلاَّ إذا استند إلى مرجعية لغوية قومية، تعني الأنا على أن يقف نداً للأخر؟ ولكننا – في كل ماهو باد على السطح الدولي- أمه بلا مشروع لغوي، نحن مجتمع يريد أن يبني منظومة تنموية، وهو يغض العين عن مأزقه اللغوى المكين، ويستطرد المفكر والكانب والروائى التونسي د. عبدالسلام المسدي حول مأزق اللغة موضحاً: إن اللغة العربية بما هي حامل للهوية الثقافية، وضامن لسيرورة الذات الحضارية، لا يتهددها شيء مثلما يتهددها صمت المثقف وهو ينظر إلى الزحف اللهجي يكتسح مجالاتها الحيويه، ولا سيما في الإبداع الثقافي، وفي الحديث عن كل شأن ثقافي مهما تقلصت أبعاده أو انكمشت أحجامه أو ضؤلت اوزانه وليس من حظ للعرب في أن يواجهوا مخاطر الكونية الزاحفة المستشرية إلا بجبهة داخلية متينة تستمد قوتها من حرية فكرية تبنى ولا تخرب، وتشيد متانتها على أساس التماسك اللغوي المطرد في أنساقه، والمنسجم بين أطرافه، فالثقافة معرفة وفن، والعرب الآن يفصحون المعرفة ما وسعهم الإفصاح، ولكنهم .. يلهجون الفن إلامن رحم ربنا، وفي هذا كله يكمن نذير الإنفصام.
إنه لا مجال أمام العرب اليوم للإنخراط لكفاءة وأقتدار في المنظومة الإنسانية بكل أبعادها إلا بجبهة ثقافية عتيدة، وبوعي ثقافي يتجدد بتجدد المرحلة.
ولاثقافة دون هوية حضارية ولا هوية دون إنتاج فكري ولافكر دون مؤسسات علمية متينة ولاعلم دون حرية معرفيةت ولا معرفة ولاتواصل ولاتأثير دون لغة قومية تضرب جذورها في التاريخ وتشارف الشموخ حاجات العصر وضرورات المستقبل.