” توشكا” و “عطان” و”اسكود” أسماء للمواليد الجدد

الاسرة – عادل بشر
لم يكن “الاثنين الماضي” الموافق ” 14 ديسمبر 2015م” يوماً عادياً لدى اليمنيين المناهضين للعدوان السعودي الأمريكي، ففي السويعات الأخيرة من ليلة اطلقت القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية صاروخين بالستيين أحدهما نوع ” قاهر1″ روسي الصنع زار العدو السعودي إلى عقر داره واستهدف مطار جيزان الإقليمي ، والاَخر ” توشكا” طاف على مقر قيادة عمليات العدوان في معسكر المرتزقة بمنطقة ” شعب الجن” القريبة من باب المندب ودمر المعسكر بجيوشه وعتاده.
ورغم ان العمليتين جاءتا بعد قرابة 24 ساعة من اطلاق صاروخ بالستي “قاهر 1” على قاعدة الملك خالد الجوية في خميس مشيط، إلا أن  “توشكا” المندب تصدر الاهتمام الشعبي وحتى الخارجي، لكون ما أحدثه من مجزرة بحق قوى العدوان وخليط الارتزاق لم يكن بسيطاً.
في صباح اليوم التالي “الثلاثاء” قمنا بزيارة روتنية الى مدينة صنعاء القديمة وفوجئنا بأن توشكا هو حديث الناس.. وبخلاف بقية الأيام كانت المدينة التاريخية تمتلئ بالنشاط والحيوية أكثر من أي وقت مضى.. فمجرد ان دلفت اقدامنا باب اليمن حتى كان اسم توشكا هو الأعلى بين أصوات الباعة وهو الاسمى بين جميع المسميات.. فبائع العطور ينادي بأعلى صوته باسم توشكا معلناً بأسلوب البائع المحترف، تحديه لجميع قوى ودول العدوان على اليمن أن تنافسه او تقف امامه كونه يمتلك عطر ” التوشكا”.
وعلى مقربة من بائع العطور تجد عربة ” شاي توشكا” وهناك ايضاً ” معصرة توشكا” إحدى معاصر الزيوت التي تشتهر بها صنعاء القديمة، و “الحرازي توشكا للاقشمة” وحثيما وليت وجهك تسمع اسم توشكا.. وحين سألنا بعضهم عن سر الاهتمام بهذا الصاروخ رغم أن هناك صواريخ أخرى انطلقت لتدك العدو وسط داره، يكون الرد ” توشكا حبيب اليمنيين.. بّرد قلوبنا في الغزاة والمرتزقة”.
أسماء المواليد
وبخلاف ابتهاج الناس في الأسواق والشوارع بدك تجمعات العدو بصاروخ ” توشكا”، عمد البعض من أوليا الأمور إلى تخليد هذا الحدث العظيم باطلاق اسم ” توشكا” على مواليدهم الجدد الذين تزامن مجيئهم إلى الحياة مع حصد رؤوس المئات من الغزاة.
وطبقاً لمصلحة الأحوال المدنية بالعاصمة صنعاء فقد شهدت المصلحة خلال الأيام القليلة الماضية التي أعقبت عملية تدمير معسكر المرتزقة بالقرب من باب المندب منتصف ليل الاثنين الماضي، توافداً لمواطنين يرغبون باستخراج شهادات ميلادية لمواليدهم الجدد تحمل أسم ” توشكا” وخصوصا المواليد من الإناث كون اسم توشكا يناسب الإناث أكثر من الذكور.
ويسعى أولياء الأمور من خلال هذه المسميات إلى تخليد صمود شعبنا اليمني أمام حلف العدوان الذي تقوده السعودية، منذ أواخر مارس الماضي.
ويعتبر ” توشكا” شعب الجن هو الثاني بعد ” توشكا صافر” الذي أطلقه الجيش واللجان الشعبية على تجمع لقوات العدو في معسكر صافر بمحافظة مأرب مطلع سبتمبر الماضي ونتج عن ذلك هلاك العشرات من قوات العدو، وجرح المئات وتدمير (5) طائرات أباتشي (2) تدميراً كلياً و(3) تدميراً جزئياً، إضافة إلى تدمير ترسانة ضخمة من العتاد العسكري، فيما ارتفع عدد قتلى صاروخ توشكا الذي استهدف معسكر العدو ومرتزقته في منطقة شعب الجن القريبة من باب المندب الى 167 قتيلاً واصابة مئات آخرين، وفي مقدمة القتلى قائد العمليات الخاصة السعودية وقائد القوات الإماراتية وقائد كتيبة مرتزقة الـ”بلاك ووتر” وقائد المرتزقة المحليين في جبهة باب المندب، وقائد كتيبة المرتزقة السودانيين، وضباط وجنود سعودييون وإماراتييون وسودانييون ومغاربة، بخلاف المرتزقة المحليين. بالإضافة الى  تدمير 3 مروحيات أباتشي وأكثر من 40 آلية عسكرية، وإعطاب منظومتي (باتريوت)، وتدمير مباني مقر قيادة العدوان.
ودفع العدوان على اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية على مدى تسعة اشهر متواصلة، أبناءَ الشعب اليمني إلى تسمية مواليدهم الجدد بأسماء لها علاقة بظروف الحرب، وغلب على ذلك إطلاق أسماء جبال صنعاء “عطان، عيبان، غيمان” وحتى اسم صاروخ “سكود” على أسماء المواليد الجدد، اعتزازاً وفخراً بهذه الرواسي الشامخة في وجه العدوان.
“عطان”  .. ” عيبان” .. ” سكود”
وفي هذا الصدد قال العقيد فضل محمد الجبوبي مدير عام الأحوال المدنية والسجل المدني بأمانة العاصمة: إن المصلحة تلقت خلال الفترة الماضية العشرات من الطلبات للحصول على شهادات ميلاد لمواليد جدد بأسم
“عطان” نسبة الى جبل عطان الشامخ وحصنه التاريخي العريق، بالإضافة الى طلبات أخرى تقدم بها مواطنون لدى المصلحة للحصول على شهادات ميلاد لأبنائهم تحمل اسمي “عيبان” وغيمان” و “سكود”.
وأوضح العقيد الجبوبي أن أول طلب تلقته المصلحة بتسجيل اسم “عطان” كان بعد بضعة أيام من جريمة قصف طائرات العدوان السعودي لـ فج عطان” بالعاصمة صنعاء ظهيرة يوم الاثنين الموافق (20 ابريل 2015م) والتي تسببت في سقوط 90 شهيدا و نحو 398جريحاً من المواطنين الأبرياء وتحطم مئات المنازل والمحلات التجارية والسيارات على مسافة 6 كيلو مترات من مكان الانفجار.
يومها فوجئ العقيد فضل الجبوبي بأحد المواطنين يصر على الدخول إلى مكتبه لطلب استمارة شهادة ميلاد لطفله الجديد تحمل اسم “عطان” رغم أن استخراج هذه الوثائق يسير بشكل منظم وروتيني ولا يحتاج إلى مقابلة مدير عام المصلحة.
يقول العقيد الجبوبي :” كان الرجل في قمة الحماس والسعادة وهو ينطق اسم “عطان” على شفتيه مع تشديد حرف الطاء، وحين سأله العقيد الجبوبي عن سر اختيار هذا الاسم لمولوده الجديد، أوضح الرجل بأنه من أهالي حي “عطان” وتسبب القصف الغاشم بالأسلحة المحرمة دولياً على “فج عطان” بتاريخ 20 ابريل في تدمير منزله ضمن عشرات المنازل وشاءت الأقدار أن تنجو أسرته من الموت بأعجوبة، حيث كان يتواجد مع زوجته “الحامل” وطفلتيه في احد المستشفيات لإجراء بعض الفحوصات الطبية للزوجة التي كانت في الأسبوع الأخير من الحمل، فأقسم الأب بأن يطلق على مولوده تسمية “عطان” نسبة لشموخ “عطان الجبل” و”عطان الحصن المنيع الذي يطل على مدينة حدة ودمره القصف السعودي.
بعد ذلك، والكلام لا يزال لمدير عام الأحوال المدنية والسجل المدني بأمانة العاصمة العقيد فضل الجبوبي، توافد إلى المصلحة مواطنون آخرون يطلبون شهادات ميلاد تحمل اسماء “عطان” و”عيبان” و”غيمان” إلا أن عطان تصدر الأسماء الأخرى.
واختتم العقيد الجبوبي تصريحه بتوجيه التحية لكل أبناء الشعب اليمني الصامد أمام جبروت العدوان، ولقوات الجيش والأمن واللجان الشعبية المرابطة في جبهات القتال دفاعاً عن اليمن أرضاً وإنسانا، مؤكداً بأن هذا الصمود والشموخ والعزة ليس غريباً على أصل العرب ويشهد لهم التاريخ بذلك.
رواسي صنعاء
ويقع جبل “كولة عطان” في الجهة الجنوبية من العاصمة صنعاء ويضم حي “فج عطان” الذي يعتبر أحد أحياء مديرية السبعين ويبلغ عدد سكانه (13165 نسمة) وفقاً للتعداد السكاني للعام 2004م، بالإضافة إلى حارة حصن عطان وهي إحدى حارات حي العفيف بمديرية السبعين ويبلغ تعداد سكانها 193 نسمة ويعتبر حصن عطان احد أهم الحصون التاريخية الأثرية التي دمرها العدوان السعودي ضمن مواقع أثرية عديدة في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى.
وفي الجهة الشرقية للعاصمة صنعاء يقع جبل “غيمان” المعروف بجبل “نقم” والذي تعرض ولا يزال لعشرات الغارات الجوية منذ بدء العدوان السعودي.
أما جبل “عيبان” فيقع في غرب العاصمة صنعاء خلف جبل “عطان” وهو أكثر ارتفاعاً من عطان واكبر منه طولا.

قد يعجبك ايضا