مقومات النصر والصمود

 

عصام حسين المطري
للمعارك والحروب قيم وأعراف وتقاليد عظيمة تتوافق وأصل الفطرة البشرية السوية، إلا أنه ومنذ أربعة عشر قرناً من الزمان خط الإسلام خطوطاً حمراء في متوالية هندسية ألفتها فطرتنا السوية، فهي أخلاقيات الحروب في عصرنا الراهن والتي لا يعمل بهل ولا يؤبه لها ولا يلقى لها بالاً لقاء ابتعاد الناس ـ عربهم وعجمهم ـ مسلمهم, وكافرهم ـ عن ينبوع الإسلام التليد، الأمر الذي ضاعف من معاناة الكثير وأورث لهم الهموم والغموم، فالحرب اليوم ليست كحرب أمس في صدر الدعوة الإسلامية وما تلاها حيث تطورت ولم تعد مواجهة جيش بجيش.. وسيف بسيف، بل صارت حرب الطائرات والصواريخ المتطورة والقنابل العنقودية والمفاعلات النووية، فالحرب سجال يوم لك ويوم عليك إذ لا ينبغي الاستهانة بالقوى والدول الفقيرة.
فاليمن البلد المتواضع القدرات والإمكانات سياسياً وعسكرياً هو ذا يحطم التفوقات والتكتيكات السياسية والعسكرية, فخلال تسعة أشهر أو يزيد صمد الشعب اليمني البطل مع جيشه ولجانه الشعبية صموداً اسطورياً أذهل المراقبين العسكريين في العالم ـ في وجه عشر دول بقيادة الشيطان الأكبر ـ أمريكا ـ والسعودية، فمنذ إعلان الحرب الشرسة على أرض الإيمان والحكمة كان الساسة السعوديون واليمنيون الفارون المقربون من العميل عبدربه والمحللون العسكريون الأمريكان يقولون بأن الحرب لن تستمر سوى بعضة أسابيع ستجهز فيه الدول المتحالفة على ما تبقى من سلاح في حوزة الجيش اليمني واللجان الشعبية، فعلى الرغم من امتلاكهم للأسلحة المتطورة والحديثة, إلا أنهم لم يتمكنوا من إصابة السلاح اليمني في مقتل.
ونظراً للؤم السياسة السعو أمريكية القذرة وسع التحالف من عملياته العسكرية لتشمل الأحياء السكنية من خلال غارات وضربات عسكرية عشوائية أرادت أن تؤلب الشارع اليمني ضد جيشه ولجانه الشعبية, إلا أن السحر انقلب على الساحر حين أدرك الشعب أن الجاني والقاتل هو السعودية والأمريكان ومن لف لفهم, وظلت الجبهة الداخلية موحدة في مواجهة العدوان والاعتداء الهمجي البربري الشرس، فماذا تبقى لهم من استمرار هذا العدوان بهذا الشكل إذا كانوا قد دمروا البنية التحتية العسكرية للجيش اليمني وأعلنوا عنها بنسب محددة.
والإجابة على هذا السؤال بسيطة للغاية, فإنهم اليوم يؤكدون تنفيذهم مشروعاً لاحتلال اليمن أرضاً وإنساناً طمعاً بالثروات الهائلة والموقع الفريد للجمهورية اليمنية.
المهم أن هذا الصمود الاسطوري الممهد للنصر والظفر خلفه مقومات تمثلت في شعب الصمود والنصر، فمن بينها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
أولاً: الإيمان بالله ثم بعدالة القضية، فالشعب اليمني البطل هو شعب الإيمان والحكمة ولن يغلب لقوة إيمانه العميق بالله سبحانه وتعالى وفي أنه وحده الضار والنافع، وأنه وحده الفعال لما يريد وبيده النصر على الأعداء المعتدين متى ما أعتقدنا ذلك ومتى ما اتخذنا الأسباب أسباب, الصمود والنصر، إضافة إلى أن اليمن غير المعتدي وإنما معتدى عليه، فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم آياته: “إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”.. فعلينا أن ننصر شرع وعقيدة ومنهاج الله عز وجل في كثير من المواطن، فالإيمان بالله عز وجل ثم بعدالة القضية سبب من أسباب الصمود الاسطوري وسبب في النصر بإذن الله على دول التحالف المعتدين.
ثانياً: توحد الجبهة الداخلية على الرغم من وجود التباين السياسي والفكري, إلا أن الغالبية العظمى لا تحيد عن وحدة المشاعر والمودة والمحبة بين أبناء اليمن المضطهدين لسنوات عديدة والذين جاء تحريرهم من تلك الوصاية وأولئك الرعناء الذين أغروا أبناء جلدتنا طوال ثلاثة وخمسين عاماً تقريباً على إضعاف البلاد ونهب الثروات لشلة من القوم في تلك الحكومات المتعاقبة باستثناء حكم الرئيس الشهيد المقدم إبراهيم محمد الحمدي طيب الله ثراه وتقبله في الشهداء الذي كان يلجم آل سعود.
ثالثاً: ومن مقومات الصمود والنصر هو وبلا شك الصبر, فإن الظفر مع الصبر قال تعالى: “الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاحشوهم فزادهم إيماناً”، فلقد صبر الشعب اليمني الأبي على هذا الجمع وذلك العدوان ولم يزده ذلك إلا زيادة في شدة الارتباط بالله عز وجل والأخذ بالأسباب ليفجر المفاجآت تلو المفاجآت، ويتحدى سلاحهم الحديث المتطور، هذا فضلاً عن أن اليمن استحق بهذا الصبر معية الله عز وجل قال تعالى: ” واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين”.
رابعاً: يقظة اللجنة الثورية العليا ولجان الرقابة واللجان الشعبية الذين يديرون البلاد, فالأسعار نسبة ارتفاعها بسيطة وينبغي على اللجنة الثورية العليا تشديد الرقابة وإنزال أقصى العقوبات بحق من يحاول الاحتكار للسلع والمزايدة بأسعارها حتى نضمن مزيداً من النصر بالتفاف الشعب حول قيادته الحالية ويؤمن بصلاحها وصلاح الأمة.
وأخيراً وليس بآخر علينا الاعتصام بحبل الله ونبذ الفرقة والشتات, قال الله تعالى: “واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا”.. وإلى لقاء يتجدد بكم, والله المستعان على ما يصفون.

قد يعجبك ايضا