النازحون .. مآسٍ وأحزان
أحمد عبدالله الشاوش
مآسٍ كبيرة وأحزان بلا حدود خلفت أكثر من مليون نازح في محافظات صعدة وحجة وعدن والحديدة وتعز وغيرها من المحافظات والمدن اليمنية ، ودفعت النازحين والمشردين والمعاقين للبحث عن مناطق آمنة ، وتأمين لقمة العيش ، وشربة الماء ، والاحتماء من برد الشتاء القارس ، وخدمات الصحة والدواء والتعليم كأبسط الحقوق التي كفلتها القوانين الإنسانية.
وتظل أزمة النازحين بمثابة السهم الدامي والمؤلم الذي أرق السواد الأعظم من اليمنيين ، كونها انعكاساً للعدوان السعودي الإماراتي المتوحش بعد خمس سنوات عجاف أكلت الأخضر واليابس وقضت على كل مظاهر الفرحة ، نتيجة لصراع الأخوة الأعداء الذين تفرق شملهم سياسياً وتحولوا إلى مجرد دمى يحركها تجار ووكلاء الحروب الإقليمية والدولية الذين مارسوا أبشع وأقذر أدوات الصراع السياسي بدءاً بالحوار الاستهلاكي لتجزئة اليمن وضرب الوحدة الوطنية ومروراً بالهيكلة والصراع المسلح والمشاركة في إسقاط الدولة وتغذية المليشيات والدعوة لتدويل الأزمة والمطالبة بالبند السابع نكاية بالخصوم وفتح اليمن على مصراعيه ” للغزاة ” في خطوة للتهيئة للعدوان الغاشم الذي انتهز الفرصة بعد أن نفث سمومه عبر أفاعي قادة عسكريين وحزبيين ومشايخ دين وقبليين مثلوا السهام المسمومة في طعن الوطن ونحره من الوريد إلى الوريد .
لم يكتف المتنفذون ولصوص المال العام وعملاء الخليج وأمريكا وأوروبا ، المسؤولون في صنعاء وعدن وغيرها من المحافظات بالدمار والدماء والفجور في أحداث الربيع العربي المشوه، بل عمدوا إلى تحريض العدوان على ارتكاب مجازر الإبادة الجماعية وتدمير مقدرات ماتبقى للدولة محققين لطغاة النظام السعودي والجلاد الأمريكي والعدو الصهيوني والقاصر الإماراتي مآربه وتطلعاته الشيطانية في تدمير اليمن أرضاً وإنساناً .
ورغم تلك الأحزان والظروف الصعبة التي يمر بها النازحون وفي طليعتهم الأطفال والنساء والشيوخ، إلا أن ديننا الإسلامي ومنظومة الأخلاق والقيم الإنسانية المجسدة للرحمة تفرض علينا قيم التكافل والتآزر والمسارعة في البذل والجود والعطاء وتفعيل الضمائر للمساهمة ومد يد العون قدر المستطاع ، أفراداً ومؤسسات ومنظمات محلية وإقليمية ودولية، للتخفيف من معاناة النازحين والأخذ بيدهم وإعادة البسمة وبث الروح المعنوية في قلوبهم وانتشالهم من حالة الخوف والرعب والتشتت والفقر والمعاناة النفسية إلى حالة من الهدوء والاتزان والاستقرار وإشعارهم بأننا أخوة لهم معهم قلباً وقالباً وأن الدنيا مازالت بخير .ورغم المعاناة الكبيرة للنازحين والجهد الإنساني المتواضع وحالة الدمار المخيفة لكافة مرافق الدولة ومنازل المدنيين والمستشفيات والمدارس واستهداف القطاعات الاقتصادية وماترتب على ذلك من خسائر وبطالة جعلت أكثر من 20 مليون مواطن يرزحون تحت خط الفقر، إلا أن بعض المنظمات الرسمية وغير الحكومية سجلت أنصع الصفحات لمثابرتها ومسارعتها في الاهتمام بالنازحين وايوائهم وتقديم الحد الأدنى من الدعم رغم جبروت وطغيان العدوان السعودي والمتحالفين معه ، وقدمت لمسات إنسانية جديرة بالاحترام عبر برنامج الغذاء العالمي وأطباء بلاحدود واليونسيف والصحة العالمية واللجان الإشرافية لإغاثة النازحين ، ومع ذلك تظل مشكلة النازحين متفاقمة بصورة يومية وتحتاج إلى الكثير من الدعم المالي والمعنوي من باب الواجب الإنساني في ظل طغيان العدوان.
وتساقط الدول الكبرى أمام المال المدنس وعدم جدية المجتمع الدولي في إيقاف مجازر الإبادة الجماعية اليومية التي يتعرض لها الشعب اليمني. وإننا على أمل ايقاظ الضمير العالمي لوقف نزيف الدم والدمار ورفع الحصار وإيقاف العدوان ومد يد العون للنازحين وتعويضهم ، وطموحنا أكبر في انتهاج لغة الحوار للوصول إلى تسوية سياسية تحفظ لليمن أرضه وشعبه وسيادته الوطنية وانتهاج علاقات ندية و متوازنة مع الجيران من أجل إحلال السلام العالمي واستقرار الأجيال القادمة.