تحالف الولايات المتحدة مع السعودية إلى أين؟

 
محمد الطاهر
توصف العلاقات الأمريكية السعودية بأنها علاقات تاريخية قوية، حققت من خلالها واشنطن على مدى عشرات السنين، ولا تزال، الكثير من المكاسب السياسية والاقتصادية الاستراتيجية.
وتظل هذه العلاقات، بطبيعة الحال، محكومة بظروف البلدين، حيث ترتبط السعودية بالولايات المتحدة في تحالف “عريق”، وقفت فيه الرياض بقوة خلف واشنطن في مواجهة الاتحاد السوفييتي في حقبة الحرب الباردة، وفي مواجهة مصر في عهد عبدالناصر، والعراق في حقبة صدام حسين، وهي الآن تقف معها في خندق واحد ضد إيران.
وتكتسب السعودية أهميتها في السياسة الخارجية الأمريكية لكونها أكبر مصدر للنفط في العالم، وهي صمام أمان لإمدادات الطاقة، وكابح فعال لأسعار النفط.
هذه الصورة التقليدية للتحالف “النفعي” مع السعودية بدأت في التغير منذ هجمات 11 سبتمبر، وما تلا ذلك من خطوات أمريكية انتقامية تمثلت في احتلال أفغانستان وفيما بعد احتلال العراق، وصولا إلى مرحلة “الربيع العربي” بمضاعفاته الكارثية في سوريا واليمن وليبيا وتونس ومصر.
برز هذا التغير في تصاعد دعوات تطالب بإعادة النظر في العلاقات مع السعودية، ودعا بعضها إلى تحميل الرياض مسؤولية الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة، بوصفها “حاضنة للإرهاب”، ومعاقبتها بمصادرة أرصدتها في البنوك الأمريكية.
من بين أكثر الأصوات الداعية إلى فك الارتباط بالسعودية وبوضعها في خانة الأعداء، الخبير الاستراتيجي العسكري الأمريكي رالف بيترس، صاحب كتاب “الحرب الدائمة” ومؤلفات أخرى شهيرة.
هذا الخبير والمنظر العسكري الأمريكي لا تعنيه فيما يكتب اللغة الدبلوماسية ولا مجاملاتها وحساباتها الدقيقة. ويمكن من خلال ما يطرحه معرفة أفكار نخبة الصقور من الخبراء العسكريين الأمريكيين الذين يمجدون القوة، ويرفضون وضع أي قيود تحد من استعمالها في سبيل حماية المصالح الأمريكية التي يرون أنها تعبر ضمنيا عن “جوهر الوجود الإنساني المتحضر”.
ويسوق رالف بيترس لمثل هذه الأفكار بالتأكيد على أن أعداء الولايات المتحدة ما هم إلا ظواهر مرضية يجب اجتثاثها من دون رحمة. ومن دون تردد، يضع هذا المنظر الاستراتيجي، السعودية في خانة الأعداء، ويستميت بالمقابل في الدفاع عن إسرائيل، عادا إياها واحة وسط ما يصفه بمستنقع الشرق الأوسط، الذي يقول إن حضارته تهاوت منذ القدم وفقدت مقومات وجودها.
هذا المنظر العسكري ينتقد في مقالة نشرها في صحيفة “الفيلق الأمريكي” بشدة ما يصفه بتهاون الولايات المتحدة مع أعدائها، مطالبا بأن تتعامل بلاده مع هؤلاء بقسوة أكبر.
ويؤكد بيترس أن مشكلات الإرهاب ظهرت في العالم نتيجة فشل حضارة هذه المنطقة الكارثي عن المنافسة في جميع الميادين، مشددا على أن غزوات بلاده في المنطقة لا علاقة لها لا من قريب أو بعيد ببروز هذه الظاهرة.
وهو يقول في هذا الصدد منتقدا الزعماء الأمريكيين إن “إبادة عدة مئات من الأعداء القساة على شاكلة مقتدى الصدر كان من شأنها أن تجنبنا في عام 2003م مقتل آلاف الجنود الأمريكيين وعشرات آلاف من العراقيين لاحقا”.
ويصف بيترس الموقف القائل بأن “السعوديين أصدقاء للولايات المتحدة” بأنه استنتاج شائع، مؤكدا أن هذا الأمر لا يزال موجودا فقط لأن “السعوديين أنفقوا أموالا طائلة على الحزبين الأساسيين في واشنطن. أموال السعودية تواصل تمويل التطرف المعادي للغرب، وتقسيم المجتمعات الضعيفة وتشجيع الكراهية بين المسلمين والآخرين”، مضيفا إن الضرر الذي تسبب به “التطرف السعودي” لمنطقة الشرق الأوسط أكبر بكثير من ضرر إسرائيل في كل تاريخها!.
من الصعب تحديد موقف الولايات المتحدة الحقيقي من السعودية، وفيما بدأ بعض الخبراء يتحدث في الغرب عن قرب نهاية حقبة ملوك وأمراء منطقة الشرق الأوسط، يميل آخرون إلى أن الولايات المتحدة لا تزال في حاجة للوضع القائم في منطقة الخليج، وهي تقف ضد أي تغيير عاصف في دولها الآن خوفا بالدرجة الأولى من أن يساعد ذلك في تمدد نفوذ إيران الإقليمي.
نقلاً عن موقع روسيا اليوم RT

قد يعجبك ايضا