حرب التحالف السعودي على اليمن في نظر القانون الدولي

محمد حسين لقمان

تنص المادة (1) من ميثاق الأمم المتحدة على أن من أهم مبادئ وأهداف إنشاء الأمم المتحدة هو حفظ السلم والأمن الدوليين وتتخذ التدابير اللازمة لمنع الأسباب التي تهدد السلم وقمع أعمال العدوان كما تنص المادة (7) من ميثاق الأمم المتحدة على تحريم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة وهذا قيد على الأمم المتحدة ذاتها وينص الإعلان الأممي الخاص بحقوق وواجبات الدول الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بجلسة 6/ديسمبر/1949م على أن كل دولة تتمتع بحقوق سياسية لا يجوز لدولة أخرى أن تعتدي عليها أو تمسها وهذه الحقوق هي: 1- حق الدولة في البقاء وحقها في الدفاع عن أي خطر يهدد بقاءها. 2- حق الدولة في المساواة مع الدول الأخرى في نظر القانون الدولي. 3- حق الحرية حرية الدولة في إدارة شئون إقليمها واختيار النظام وأسلوب الحكم الذي يناسبها. 4- حق الكرامة وهو حق احترام الدولة ورموزها ونظامها ودبلوماسيتها واحترام ثقافتها وحقوقها الاقتصادية والثقافية كما نصت المادة (3) من قانون حقوق وواجبات الدول: يجب على كل دولة الامتناع عن كل التدخل بالشؤون الداخلية والخارجية لدولة أخرى, وينص ميثاق الأمم المتحدة في المادة (2) الفقرة الأولى على مبدأ المساواة بين الدول في السيادة كما أن قواعد القانون الدولي في مشروع لجنة الصياغة ولدى فقهاء القانون الدولي أن الحرب التي تشنها دولة على أخرى تعد عمل عدائي غير مبرر إلا في حالتين الأولى حالة الدفاع الشرعي للدولة لرد خطر أو عدوان يهددها، والحالة الثانية إذا كانت الحرب تنفيذا لقرار دولي يفوض دولة أو مجموعة دول للقيام بعمل عسكري ضد دولة ما, من خلال استعراض قواعد أحكام القانون الدولي والمواثيق الدولية يتضح جليا أن حرب التحالف السعودي على اليمن هي عدوان سافر وانتهاك لميثاق الأمم المتحدة وتهديد للسلم والأمن الدوليين حسب نص المادة (1) من مبادئ نشأة الأمم المتحدة وأن هذه الحرب هي عدوان على سيادة اليمن وسلامة أرضه وانتهاك لسلطات الدولة اليمنية وكرامتها وقتل شعبها وتهديد لحق البقاء والوجود لليمن وهذا يترتب عليه حق اليمن في رد العدوان الذي يهدد الدولة اليمنية وهذا الرد عسكريا بالمثل يأتي استنادا لحق الدفاع الشرعي المكفول للدول, وهنا يتضح حكم الحرب التي تشنها السعودية على اليمن وتصنيفها في نظر القانون الدولي وحكمه بأنها عدوان سافر وليس له ما يبرره, لأن هذه الحرب قد شنتها السعودية وتحالفها بدون قرار دولي يفوضها بإعلان الحرب على اليمن, كما أن اليمن لم تعتد على السعودية ولم تنتهك أي حق من حقوقها, إذا لا مناص من اعتبارها حرباً عدوانية محرمة في نظر القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة, وينتج عن وصفها بالعدوان تحميل تحالف الحرب المسؤولية الكاملة عنها,المسؤولية الجنائية ومسؤولية التعويض للدولة اليمنية، كما لا يقتصر وصف هذه الحرب بالعدوان على دولة باسمها وتحت شماعتها بقصف المدن والقرى والأسواق والمصانع والمزارع بالصواريخ والقنابل المحرمة دوليا وترتكب المجازر المروعة بحق السكان المدنيين وتستهدف تجمعاتهم في الأسواق وحفلات الأعراس كما في المخا وعنس وعمران وحجة.
إننا أمام حرب تدمير شاملة لكل شيء استهدفت ناقلات ومحطات الوقود ومخازن الحبوب والأغذية وحتى مزارع الأبقار والدواجن, ولم يكتف تحالف العدوان بتدمير مؤسسات الدولة وبنيتها وتدمير القطاع الاقتصادي والتجاري الخاص والعام بل وارتكب العدوان وما يزال المئات من جرائم الحرب بحق السكان المدنيين وبحق الشعب اليمني بأكمله وكان في مقدمة هذه الجرائم أو الوقائع التي تمثل كل واقعة منها جريمة حرب بذاتها نذكر منها:
1- فرض العدوان حظراً وحصاراً شاملاً على دخول الغذاء والدواء والوقود.
2- منع المواطنين اليمنيين من السفر للخارج، بل وحتى العودة إلى اليمن وحرم الآلاف من المرضى من السفر للعلاج وغيرهم من السفر للعمل وأي نشاط آخر، وأخضع كل سكان اليمن لإجراءات التفتيش والحجز والامتهان في مطار بيشة الذي لا يمكن لأي رحلة طيران أن تدخل اليمن أو تغادره إلا بعد هبوطها للتفتيش لدى السلطات السعودية، ومعلوم أن حصار المدنيين من المواد الضرورية ومنعهم من السفر يعد من جرائم الحرب لأنه يضاعف من معاناة الناس وآلامهم ويمس كرامتهم وحقوقهم.
3- قيام التحالف السعودي باستهداف المنازل السكنية والأحياء السكنية في المدن والقرى بهجمات صاروخية متعمدة وقتل آلاف النساء والأطفال في غرف نومهم ومساكنهم، كما استهدف العدوان تجمعات المدنيين في الأسواق والمصانع والطرقات العامة، كما استهدف تجمعات الأعراس وغيرها وارتكب عشرات المجازر الجماعية بحق المواطنين اليمنيين, وهذه الهجمات تعد جرائم حرب في حكم القانون الدولي الإنساني، لأنها هجمات طالت مواقع محمية ومحرم استهدافها طبقا لقواعد القانون الدولي الإنساني وقد نصت على هذه الجرائم قواعد إنشاء المحكمة الجنائية الدولية المختصة بمحاكمة مجرمي الحرب، حيث نصت المواد (6-7-8) من نظام هذه المحكمة على أن هذه الجرائم المذكورة هي جرائم حرب يخضع مرتكبوها للمحاكمة أمام محكمة الجنايات الدولية ولا تسقط عقوباتها بالتقادم.
وختاماً: فإن تعلل عدوان التحالف بشن هذه الحرب تحت مزاعم الدفاع عن شرعية رئيس او حكومة لا يعفي من تحمل مسؤولية هذه الحرب ونتائجها وآثارها الكارثية، فاختلاف اليمنيين أو صراعهم أو ثورتهم أو أزماتهم هو شأن داخلي يخص اليمنيين أنفسهم ولا يحق لأي دولة التدخل بالقوة المسلحة لفرض أو دعم سلطة أو معارضة.
وهنا أؤكد على عدم التفريط أو التنازل عن حق الدولة اليمنية والشعب اليمني في تحميل الدول المعتدية المسؤولية القانونية عن هذه الحرب, وحق اليمن في الدفاع عن وجودها وشعبها ومسؤولية العدوان عن التعويض ومعالجة آثار هذه الحرب.

قد يعجبك ايضا