مخزن أثري دمرته الغارات التي استهدفت المركز الثقافي

 

> آثار حجة .. الخاسر الاكبر من العدوان

> (126) قطعة موروث شعبي لم تنجُ منها سوى (28)
تحقيق/عبدالباسط محمد النوعة
لازالت قوى العدوان تدمر حضارة وتاريخ هذا البلد العريق والأصيل ولعل آخر جريمة نفذتها طائراته في محافظة حجة هذه المحافظة التي نكبت مواقعها ومعالمها الأثرية جراء هذا العدوان وتكاد تحتل نصيب الأسد في استهداف هذه المواقع حيث أكد المعنيون عن آثار حجة في لقاءات سابقة تم نشرها في سياحة وتراث “الثورة” أن عدد المواقع والمعالم التي استهدفها العدوان منذ مارس الماضي بلغت 15 موقعا موزعة بين قلاع وحصون واطلال، وها هو مسلسل العدوان يستمر في حق تراث هذه المحافظة حيث قام منتصف الأسبوع الماضي باستهداف مبنى المركز الثقافي والذي كان يحتوي على مخزن مكتظ بالقطع والمآثر التاريخية، وبحسب المعنيون فقد كانت القطع الموجودة في ذلك المخزن ومعظمها موروثاً شعبياً يصل عددها إلى 126 قطعة إلا أن العدوان لم يبق منها سوى 28 قطعة فقط انتشلها المعنيون من تحت أنقاض المبنى المدمر وكلها في حالة سيئة.
كان المبنى الذي استهدفه العدوان يضم إضافة إلى مخزن الآثار أربعة دوائر حكومية أخرى المركز الثقافي لحجة وهو الاسم الذي يشتهر به المبنى أكثر من غيره بالإضافة إلى مكتب الثقافة والإذاعة ومكتب الهيئة العامة للكتاب بمحافظة حجة، وكلها تدمرت تماماً ولم يبق فيها شيء بحسب مدير عام الآثار والمتاحف حمود أحمد غيلان الذي أوضح أن الدمار كان كبيراً جداً انعدم المبنى تماماً وانتهى في جريمة بشعة جداً لا نعلم ما هي أسبابها أو دوافعها فهذا المبنى ليس عسكرياً أو كان يتمركز فيه عناصر مسلحة، المبنى كان مركزاً تنويرياً ثقافياً محضاً تلتقي فيه النخب المثقفة أو المتعطشة للثقافة لتقديم أو مشاهدة نماذج من الثقافة اليمنية عموماً ومن حجة على وجه الخصوص على خشبة مسرح المركز الثقافي الذي ضم إلى جواره مكاتب ذات علاقة وطيدة بالثقافة والفكر والأدب، (إذاعة ثقافة، هيئة الكتاب) فلماذا يتم استهداف مثل هذه المنشآت التنويرية والثقافية.
وأشار إلى أن مكتب الآثار والمتاحف بالمحافظة قام بتشكيل لجنة لانقاذ ما يمكن انقاذه من محتويات المخزن الأثري وللأسف الشديد ما تم العثور عليه لا يوازي ولو ربع ما كان موجوداً في المخزن 126قطعة وما تم العثور عليه حالته سيئة جداً.
دروع سيوف
هذا وتتنوع تلك القطع وتتعدد منها قطع هامة مثل دروع السيوف وفضيات ونحاسيات وفخاريات ومنسوجات وكلها تعود لحقب زمنية مختلفة، الكثير من هذه القطع دمر وانتهى تماماً ممثلاً دروع السيوف القديمة كان عددها في المخزن “2” ثم انتهت بعد العدوان، أيضاً خلاخل واكسسورات فضية كان عددها 61 قطعة لم يبق منها سوى قطعة واحدة وكذا دلة نحاس للقهوة كان عددها 7 عثر على (4) فقط تحت الانقاض وحالتها سيئة، كذلك كان يحوي المخزن على ثلاث شمعدان قديمة من الفضة انتهت تماماً وغيرها الكثير من القطع التي لم يبق منها أثر.
وكان كشف الجرد الذي حصلنا على نسخة منه قد احتوى على 7 أجزاء من مصحف مكتوبة بخط اليد، وكنا نخشى أنها انتهت ضمن القطع التي دمرها العدوان ولكن الأخ مدير آثار حجة أكد أنها كانت في مكان آمن خارج المخزن الأثري ولكن حالتها سيئة للغاية وبحاجة إلى ترميم وصيانة.
وأشار غيلان إلى أن مكتب الآثار كان يخطط لإقامة متحف موروث شعبي في مدينة حجة بهذه القطع التي كانت تشكل متحفاً متكاملاً وكان الانتظار حتى تستقر أوضاع البلد وينتهي العدوان من أجل إكمال هذا المشروع الهام إلا أن العدوان قضى على هذا المشروع قبل أن يبدأ.
تكرار استهداف المعالم
ويقول الأخ مهند السياني رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف أن استمرار قصف المعالم والمواقع الأثرية في حجة وصعدة خصوصاً وبقية المحافظات عموماً أمر غير مقبول وغير مبرر وقد عبرت الهيئة مراراً وتكراراً عن استنكارها وإدانتها لمثل هذه الممارسات وطالبت المنظمات الدولية المعنية بالعمل على ايقاف مثل هذه الاستهدافات ولكن للأسف لم يتوقف شيء لازالت المواقع تستهدف من قبل طائرات العدوان ولعل آخرها ما تعرض له مبنى المركز الثقافي بحجة والذي يضم فيه مخزناً يحوي قطعاً تراثية قديمة تعود لحقب زمنية مختلفة.
وأشار إلى أن المخزن كان يحوي الكثير من قطع الموروث الشعبي الخاص بمحافظة حجة الغنية جداً بتراثها وبموروثها الأصيل وأبرز ما كان يحتويه المخزن مجموعات من الأواني النحاسية والفخارية وفضيات وأدوات زينة وقطع أخرى مختلفة بأعداد متباينة.
حجة نالت نصيب الأسد
من جانبها تقول الدكتورة أمة الملك الثور وكيلة وزارة الثقافة لقطاع الآثار والمتاحف والمدن التاريخية: إن العدوان عمل على استهداف البنى التحتية والمشاريع ويستهدف حتى الشجر والحجر بصورة تنم عن وحشية مفرطة وحقد دفين، حتى دور العلم والصلاة (مساجد ومدارس وجامعات) لم يستثن شيئاً، ولعل مواقع التراث لم تكن بعيدة عن هذا الحقد وهذه الوحشية فمنذ بدء العدوان وهذه المواقع تقصف وآخرها ما حدث لمبنى المركز الثقافي الذي يحوي مخزناً هاماً للآثار ليكون بذلك مستمراً في تدمير مقدرات اليمن ومنها الحضارية والتاريخية والثقافية.
وأشارت إلى أن حجة (مدنها ومعالمها) كان لها نصيب كبير من التدمير والعبث من قبل طائرات العدوان وخاصة مدينة حرض.
وأضافت بالقول: ربما يسعون إلى إحداث المزيد من الدمار ليسهل عليهم احتلال تلك المدن القريبة من حدودها، هم يعتقدون أنهم قادرون على ذلك بأموالهم ولكن مع الأيام يوهن هذا الاعتقاد لديهم بسبب الصمود الأسطوري للجيش واللجان الشعبية في كافة الجبهات، بل وأصبح في عقر دارهم، لكننا في الأخير نقول “حفظ الله اليمن أرضاً وشعباً”.

قد يعجبك ايضا