تحقيق / إشراق دلال
توجهت الدولة لدعم الاقتصاد الوطني بتبني خمسة محاصيل إستراتيجية من ضمنها ” العسل ” وذلك من خلال الزيادة والتحسين في العملية الإنتاجية.. إذ يعتبر العسل اليمني من أجود أنواع العسل ليس على المستوى المحلي فحسب بل على المستوى العالمي..
لكن وفي الآونة الأخيرة ومع ارتفاع أسعار مادة الغاز المنزلي أدى باتجاه الناس إلى التحطيب دونما إدراك منهم بأن ذلك يقضي على أهم ثروة قومية وهذا بدوره خلق كثيراً من المشاكل كان أهمها نقص المراعي الذي يهدد طوائف النحل في اليمن..
” الثورة الاقتصادي ” سعت لتلمس الإشكاليات التي تواجه النحالين بسبب نقص المراعي.. وكذا الآثار المترتبة لنقص المراعي على النحل وبالتالي على إنتاج العسل ومقدار الخسائر الاقتصادية حول ذلك.
كشفت وزارة الزراعة والري مع نهاية العام 2010م عن ارتفاع إنتاج اليمن من العسل إلى ما يقارب 2.5 مليون كيلو جرام من 2.4 مليون كيلو جرام في عام 2009م وكذا زيادة عدد الخلايا إلى أكثر من مليون و 200 ألف خلية وتتصدر محافظة حضرموت المحافظات اليمنية الأكثر إنتاجا للعسل باستحواذها على ما نسبته 70% من عملية الإنتاج بحوالي 831 ألف كيلو جرام تليها محافظة أبين بكمية إنتاجها 381 ألف كيلو جرام ثم محافظة سيئون بما يقارب من 331 ألف كيلو جرام واحتلت الحديدة المرتبة الرابعة بحوالي 304 اَلاف كيلو جرام ..
الاحتطاب
لكن ومن الملاحظ خلال هذه الفترة بأن المراعي النحلية شبه مهددة في ظل الحرب والآثار الناتجة من القصف ، وتهديد الموارد الطبيعية في اليمن حيث يشتكي كثير من المزارعين ومربي النحل، يقول مجاهد الأشموري تاجر ومربي لخلايا نحل : نواجه صعوبة كبيرة في الانتقال من منطقة إلى أخرى في مواسم الإزهار بسبب الحرب وغلاء المشتقات النفطية لذلك نضطر لإبقاء النحل في مكان واحد لكن تظل مشكلة الاحتطاب وقطع الأشجار خاصة أشجار السدر والطلح وغيرها من الأشجار المزهرة التي تعد الغذاء الرئيسي للنحل..
ويضيف : نحن من نحالين وتجار لا نستطيع أن نقدر الخسارة لكننا نحددها بنسبة الإنتاج والمبيعات من العسل والتي قلت إلى 50% وكثير من المحال التجارية لبيع العسل توقفت.
من جانبه يقول المهندس الزراعي علي السالمي الخبير في تربية النحل ومالك لخلايا نحل : المشاكل كثيرة ومتشعبة بالأخص خلال الفترة الأخيرة عندما ارتفع سعر الغاز المنزلي حيث اتجه الكثير من الناس إلي قطع الأشجار والتي تعد المصدر الرئيسي لجمع الرحيق وإنتاج العسل.
ويذكر المهندس السالمي بأن من ضمن الإشكاليات تعرض الكثير من خلايا النحل للجوع بسبب قلة وجود حبوب اللقاح الذي كان يعتمد عليه النحل في حالة قلة الغذاء لدي النحل، لان تلك الأشجار ليست مصدر لجمع الرحيق وإنتاج العسل فحسب بل أيضا مصدر لجمع حبوب اللقاح الذي يعتمد عليه النحل في تكوين غذائه ، وبالذات أشجار السدر والعسق والطلح بالإضافة إلي أشجار الكرث والقصاص واللثب والقرض.
وأردف : إن الخسائر التي تعرض لها المشتغلين في مجال تربية النحل و إنتاج العسل كبيره سببت أيضا في قلة الدخل القومي للبلد حيث كنا نصدر كميات كبيرة إلي دول الجوار، فعندما قطعت تلك الأشجار تعرضت الكثير من خلايا النحل للموت وبالتالي انخفض إنتاج العسل.
ويضيف مؤكداً من أن وجود المواد السامة التي تنبعث من الصواريخ سببت في موت كميات كبيرة من خلايا النحل وهذا سبب رئيس ، لأن ملكة النحل كونها المنتجة الوحيدة للبيض إذا تعرضت لأي تأثير سبب ذلك في قلة إنتاج البيض وبالتالي تنتهي الخلية بسرعة لأن عمر النحلة لا يتجاوز ثلاثة عشر يوماً.
أضرار مباشرة
وبحسب تقرير صادر من وزارة الزراعة فإن خلاصة الحصيلة الأولية للأضرار المباشرة التي لحقت بالمناحل في محافظات الجمهورية نتيجة العدوان خلال الفترة من 3 –10 2015 : تأثر 35 منحلاً ، حيث تم استهداف مناحل لمربي النحل بالقصف المباشر في محافظة صعدة وعمران والحديدة ومأرب بالإضافة إلى الخلايا البسيطة الموجودة بجوار منازل المزارعين المستهدفين بالقصف المباشر.. أيضا نفوق وموت عدد 41500 خلية نحلية نتيجة استهداف مباشر لوسائل نقل خلايا النحل المتجهة للرعي في مناطق أخرى..
تأثير مباشر
ينتج العسل اليمني على مدار العام بينما العالم لا ينتج العسل إلا في موسم واحد، أما في اليمن وبسبب تعدد المناخ ينتقل النحل من منطقة لأخرى بحسب الموسم بمعنى أن عجلة إنتاج العسل مستمرة هكذا بدأ حديث صديق المزارعين المهندس عادل أحمد مطهر ويضيف : اليمن ينتج من العسل ما يقارب الـ 25- 30 الف طن سنوياً ، يصدر العسل اليمني إلى أكثر من 20 دولة على مستوى العالم وعلى رأس المستوردين للعسل اليمني ” دول الخليج ، بريطانيا، المانيا، أمريكا بالإضافة إلى اليابان و فرنسا”..
ويشير صديق المزارعين إلى أن العسل اليمني يمتاز عن أنواع العسل في العالم بمصادر رعي مختلفة ومتعددة ، ويسمى ثلاثي الغرض ” غذاء ، دواء ، وتجميل “.. ويعتبر واحداً من أهم المحاصيل ذات الميز المتعددة من حيث تنوعه وتعدد مصادر غذائه من أشهرها السدر ، الضبة ، السلام .. وغيرها ، وتنوع هذه الأصناف يأتي من تنوع المراعي لكن ونتيجة للحرب والحصار وانعدام مادة الغاز المنزلي اتجه الناس إلى الاحتطاب وقطع الأشجار وهذا يؤثر تأثير اًمباشر اًعلى المراعي .
ويضيف : وحين نتحدث عن المراعي النحلية لا نتحدث فقط عن الأشجار، نتكلم عن كل مصادر الرحيق الذي تتغذى عليه النحل وتنتج منه العسل، و” التنحيل ” واحد من أهم مصادر الدخل القومي ومن موارد العملة الصعبة فالعسل اليمني ثروة وطنية لم تحظى بالاهتمام الكامل من قبل الجهات المعنية وخصوصاً بمراعيها لأنه عندما نتحدث عن العسل نتحدث عن مرعى إذا لم يتوفر المرعى لا يوجد عسل.
ومضى بالقول : انعدام المشتقات النفطية التي أدت إلى عزوف المزارعين عن نقل النحل من منطقة المراعي إلى أخرى وارتفاع تكاليفها في حال وجودها صعبت على المزارعين والنحال الانتقال والعيش من منطقة إلى أخرى، لذلك يضطر للبقاء وحين يبقى النحل في مكان واحد تبدأ الخلية تضعف وتكثر فيها الأمراض لأنها تعتمد على التغذية الطبيعية لتبقى الخلية حيوية ونشطة ، وحتى التغذية الصناعية ارتفعت تكاليفها مثلاً السكر وحبوب اللقاح المستوردة ” البروتين ” إلى جانب الكيربوهيدرات السكريات ، كل ذلك تكاليف إضافية يتحملها النحال ما أدت إلى خروج صغار النحالين عن عملية الإنتاج..والذين يمثلون 50% من النحالين حيث أنه لا يملك احتياطا نقدياً ليواصل وكل ذلك ينعكس سلباً على الجانب الاقتصادي ..