اليمن غالب لامغلوب
حبا الله اليمن بطبيعة خلابة تحميها سلسلة من الجبال الشاهقة أثرت بالإيجاب على نفسية وشخصية الفرد اليمني حيث غلب على طبع اليمني الاتزان والعقلانية ومجافاة التهور والانزلاق في براثن الحوب والخطيئة وعدم اجتراح الكبائر إلا ما ندر والنادر لا حكم له، هذا فضلاً عن أن هذه البيئة الخلابة أحاطت الإنسان اليمني بجدار سميك من الصبر في نوازل وعاديات الزمن ومعاداة الجزع والفزع والهلع وسوء ترتيب الأولويات انسجاما أكيداً مع متغيرات فقه المرحلة والمقاصد الشرعية البانية الحصيفة للوجود اليمني الأشم.
ويكسو الإنسان اليمني هالة من الوقار والاعتدال تكاد تكون في جميع الأمور، فاليمني يبلغ بالوسطية والمرونة عنان السماء في بعد عن الغلو والتطرف والتنطع لذلك فهو ميال إلى إظهار البساطة وإبطان التكلف المزعج الذي ما أنزل الله به من سلطان، علاوة على أن اليمني قرين المودة, فهو ودود يحب الخير للجميع دمث الأخلاق يسابق الزمن في إبداء تمسكه بها في الملمات والخطوب وعندما يدلهم الخطر، ضارباً أطناب الحكمة على مناشطه العديدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. إلخ.
على أن ذلك كله قد دفع به وفرض عليه مراعاة حسن الجوار والتماس الأعذار للأشقاء والأصدقاء في عالمنا الكبير وكف يده عن البغي والاعتداء، وخط له طريقاً وسطاً سهل المسلك قرينه رأفته بأخوة الدين والعروبة أو ما عقلت حديث وقول النبي والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وصحابته و سلم: “أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوباً.. الإيمان يمان، والحكمة يمانية، والفقه يماني” أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم في معرض حديثه عن أهل اليمن الميامين.
ولن يصلح حال اليمن واليمانيين إلا بما صلح به حال الآباء والأجداد من جعل التمكين للدين الإسلامي الحنيف كعقيدة وشريعة ومنهاج حياة إذ لا نبالغ حيث نقول إن الدين الإسلامي الحنيف ما يزال هو المسيطر في توجيه مسار الأنشطة المختلفة في اليمن ، واليمن أحسن حالاً من العديد من الأقطار العربية والإسلامية في إبداء الالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة، فالأعوجاج الحاصل هنا يعد طفيفاً بمقارنته ببقية الأقطار، فالصلاح في اليمن هو القاعدة وما دونه من الأعوجاج ما هو إلا استثناء.
ولكم سعدنا عندا تداعت علينا أكثر من عشر دول في اعتداء وحشي بربري سافر هز مشاعر القلب العربي والإسلامي الحي النابض بالحياة ذلكم أن استهداف اليمن بالحجج والذرائع الواهية شهادة بكمال الأمة اليمنية الواحدة الموحدة التي تزينها وتكسوها الأخلاق الحسنة والفاضلة ، فعلى الرغم من ظهور بعض الأعوجاج في مجالات الحياة المختلفة والتي تشهد ببعدنا عن دين الآباء والأجداد الدين الإسلامي الحنيف إلا أننا ما زلنا نتحلى بالأخلاق السامية والفاضلة التي تربينا عليها.
ومن نافل القول لا من فرضيته أود أن أنوه إلى ضرورات نقد الواقع العالمي المعاش في ظل اختلال موازين القوى العالمية بعد انهيار النظام العالمي السابق نظام التوازن السياسي والتكافؤ الدولي بعد انفراط عقد المنظومة الشيوعية والاشتراكية وتحلل ما كان يطلق عليه بالاتحاد السوفيتي السابق ليتفرد الشيطان الأكبر – أمريكا – بالسيطرة على العالم في النظام العالمي الجديد أحادي القطبية، ذلك النظام الذي أكل الأخضر واليابس وأهلك الحرث والنسل.
ويسكنني أمل عارم وهاج في أن العدوان السعودي الأمريكي على أرض اليمن مرتكز من مرتكزات نضوج الوعي العربي والإسلامي الذي ظل منبهراً بزيف المثل والقيم التي تمثلها العدو الأمريكي، فإخواننا من العلمانيين يجب أن يكون لديهم وعي سياسي وثقافي راشد يمكن له أن يضع النقاط فوق الحروف مدركا زيف بريق الحضارة الغربية التي تستبيح اليوم دماء المسلمين في كل قطر عربي وإسلامي على حدة في إظهاره للحقد الصليبي على المسلمين.
فاليمن اليوم غير الدول العربية والإسلامية الأخرى ثابت الخطى مسطراً أروع وأنصع صفحات البطولة والنضال متحدياً آلة العدوان السعوأمريكية الحديثة التي لم تتمكن زهاء تسعة أشعر من تركيع اليمانيين، فعلى الرغم من الفارق الكبير في العدة والعتاد والأسلحة الحديثة والمتطورة إلا أن آل سعود الجبناء لم يتمكنوا من حسم المعركة لصالحهم فاعتدائهم على اليمن ليس إنقاذا لمن كان يطلق عليه بالرئيس الانتقالي وإنما رغبة في التنفيس عن أحقادهم كما أنه تلبية لتحقيق مطامع أدناها فرض الوصاية على هذا البلد الآمن وامتصاص ثرواته الهائلة كاستهداف النفط في الجوف وحضرموت علاوة على إيجاد قنوات لتصدير بترولهم، فموقع اليمن الخلاب صاحب الأبعاد الاستراتيجية وتحكمه على ممر هام هو مضيق باب المندب أسال لعاب الغزاة قديما واليوم يسيل لعاب المحتلين الجدد أصحاب العقالات والغتر التي عجزوا عن إنتاجها حيث تنتجها لهم دولة بريطانيا… المهم أن اليمن الحر الصامد وشعبه البطل الصامد من مختلف الشرائح الاجتماعية وبكل المقاييس غالب لا مغلوب، فلنعلنها صرخة قوية مدوية ونقول ونحن رافعو الرؤوس والهامات: (اليمن غالب لا مغلوب ولولا بعض الفارين الذين أدلوا بمعلومات عسكرية لآل سعود لما تمكنوا من تحقيق أي مكاسب بالنسبة لتدمير سلاحنا) وإلى لقاء يتجدد بكم والله المتسعان على ما يصفون.