كازانوفا البندقية وكازانوفات اليمن !
أدين في البداية للكاتبة قدرية الجفري بالفضل لتناولها شخصية كازانوفا الحقيقة والأسطورة في مقال لها نشر في صحيفتنا الغراء ـ الثورة ـ العدد (18603) وتاريخ 2015/10/26م وعرفاني ليس لأنها قد أوضحت لنا حقيقة ذلك المخلوق الذي طالما ارتبط اسمه ـ كازانوفا ـ بتلك الشخصية التي أسرت قلوب النساء حتى بات أيقونة تتمنى كل فتاة أن يكون فارس أحلامها شبيهاً به وبخاصة الفتيات في مجتمعاتنا العربية ، غير أني اجزم أن كل فتاة قد قرأت المقال وعرفت حقيقة ذلك الإنسان ليس فقط ستعزف عن تمنيها بل وستلطم خدها الأيمن مرات ومرات لأن جهلها تمكن منها وحال بينها وبين البحث عن حقيقة من تمنت أن يكون شريك حياتها مثله ، وما يهمني من تلك الشخصية التي عاشت على النصب والاحتيال والصعلكة واللصوصية هو اجترائه وهتكه للقانون يوم زعم كازانوفا كذبا حصوله على شهادة الدكتوراه في القانون وهذه أول خطيئة في حق القانون الأرضي، وما يهمني كما أسلفت هو وجه الشبه لكازانوفا الذي ولد قبل أكثر من ( 280) عاماً في مدينة البندقية وبلغ به الجحود محاولته التخلص وقتل الإنسان الذي نقله من عيشة الجحور مع الحيوانات في الشوارع والأزقة إلى عيشة القصور وحياة الرفاه والنعيم لأجل خادمة كانت تربطه علاقة بها ، وبين أشباه له عايشين بين ظهرانينا سيما وتلك الكازانوفات المحلية عالقة في أجهزة الدولة المختلفة وهو ما ضاعف الخطر والضرر على المجتمع والدولة ، فكثير من مؤسسات الدولة تعج بالعديد من تلك العينة من البشر قدامى وجدد وتمارس نفس أساليب كازانوفا البندقية في النصب والاحتيال ونهب المال العام حتى التزوير في الشهادات لهم نصيب وخبرة لا يستهان بها وملفات الموظفين محشوة وزاخرة بالعديد من تلك الشهادات المزورة مع فارق أن كازانوفا القرن الثامن عشر وشهادته المزورة كانت للتفاخر وكازانوفات القرن الواحد والعشرين للاحتيال على القانون واكتساب حقوق مالية ومكانة وظيفية أعلى مما يستحقونه، لذا نجدهم يتربعون على مناصب حساسة في الدولة وهو ما يفسر الأداء الضعيف لمرافق الدولة الخدمية وغير الخدمية ، وحينما لا يحترم القانون في أي دولة من الدول وتعطل مواده أو يستخدم فقط لأجل تحقيق مآرب شخصية وفئوية وحزبية يسود في المجتمع الظلم والقهر والاستبداد ولا يركن الناس إلا إلى استخدام القوة للدفاع عن أنفسهم وحقوقهم وهو ما يعني عودة الإنسان للعصور الوسطى أو ما قبلها وحياة البدائية والهمجية والفوضى ، وأكثر ما يؤلمني أننا كلما كتبنا أو تطرقنا لمثل هكذا إعوجاجات ومخالفات وانتهاكات للقانون والحقوق أملاً في تصحيح تلك الاختلالات والممارسات الخاطئة بغرض الإصلاح ـ عفوا الصلاح ـ يحدث العكس وكأننا نكتب باللغة السريالية ، وكأن أيضاً المعالجات الوحيدة هي الإمعان بمزيد من التجاوزات والتعيينات والترقيات المخالفة للقانون !! وهناك نوع آخر من تلك الكازانوفات وهم المتواطئون مع العدو السعودي الذي ما كنا نتوقع أبداً أن يكون بيننا أو منا من يكون بهذا المستوى من الانحطاط والوضاعة دينياً وأخلاقياً ووطنياً ويقف بكل وقاحة وجراءة في خندق العدو السعودي الغاشم ويؤيد أفعاله الإجرامية في القتل والتدمير ويزهو أولئك بانتمائهم لصف من تآلبوا علينا من اليهود والنصارى والأعراب الذين وصفهم ربنا جل في علاه بأنهم أشد كفرا ونفاقاً .