إسقاط تركيا للطائرة الروسية.. اختراق أم انتقام؟

لم تلبث القمة الثالثة لمنتدى الدول المصدرة للغاز التى عُقدّت في طهران بحضور الرئيس الروسي بوتين أن تنتهي حتى توالت أحداث ذات طابع تحرشي تستهدف موسكو، ففي نفس يوم انعقاد قمة دول الغاز، تم قطع الكهرباء عن القرم -الجزيرة التي ضمتها روسيا مؤخراً- والذي طال 1.8 مليون نسمة من سكان شبه الجزيرة، وحدث بسبب تفجير بعض أعمدة التيار في مقاطعة خيرسونيس الأوكرانية، ورفضت كييف قبول مساعدة روسيا في إصلاح الأعمدة وإعادة التيار الكهربائي إلى القرم، ومع ذلك فلا تقوم السلطات الأوكرانية بشيء لتحسين الوضع، بسبب ضغط نشطاء مناهضين لروسيا يرفضون قيام الأخيرة بإصلاح ما أفسده المخربون.
ويربط محللون بين حادث إسقاط الطائرة الروسية وبين انعقاد قمة منتدى الدول المصدرة للغاز في طهران بحضور روسي وبين إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا، فأنقرة تعتبر إيران غريمها التقليدي في الإقليم وبالتالي توجه روسيا ودعمها لطهران من شأنه أن يغضب الطرف التركي، لأنه بات يشعر بأن ميزان القوة يميل لصالح إيران، ولهذا السبب من الممكن اعتبار أن إسقاط الطائرة الروسية جاء كرد فعل على هذه القمة، خاصة وأن هذا الاختراق الروسي للأجواء التركية لم يكن الأول، حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء “إيغور كوناشينكوف”: إنه يوم السبت 3 أكتوبر الماضي، وبعد الانتهاء من طلعة قتالية دورية، وعند إجراء مناورة فوق منطقة أحراش جبلية للعودة إلى مطار حميميم، دخلت طائرة سو-30 حربية روسية المجال الجوي التركي لثوان معدودة.
وقتها أكدت موسكو وأنقرة على متانة علاقتهما الثنائية رغم اختراق المجال الجوي التركي من قبل مقاتلة روسية، وبالرغم من أن أنقرة كانت على خلاف حقيقي مع موسكو في ذلك الوقت، حيث اعتبرت أنقرة أن تدخل روسيا في سوريا لحماية النظام هناك، أما في الوقت الراهن من المفترض أن تقل حدة الخلافات بين موسكو وأنقرة، لاسيما وأن المجتمع الدولي اليوم يعتبر أن تدخل موسكو في سوريا لمكافحة الإرهاب بما في ذلك واشنطن وفرنسا حلفاء تركيا الحاليين، فإسقاط الطائرة الروسية على حدود تركيا على حد زعمها غير مبرر، لأن تواجد الطائرات الروسية في المنطقة هدفه القضاء على الإرهاب وليس لاختراق الأجواء السيادية للدول، خاصة أن تركيا حتى اللحظة لم تغلق حدودها التي تسهل دخول الإرهابيين إلى سوريا.
وكون تركيا حليفاً أساسياً للناتو، وللأخير أيضاً تحفظاته على ما حدث أمس بقمة الدول المصدرة للغاز حيث بدأت روسيا تشكل كياناً عالمياً مستقلاً عن الولايات المتحدة ليس أولها منظمة البريكس كبديل موضوعي عن صندوق النقد الدولي، ولن يكون آخرها قمة الدول المصدرة للغاز كبديل موضوعي للدول المصدرة للنفط والتي تسيطر عليها أمريكا، فضلاً عن نشاط روسيا الأخير في البحر المتوسط ومناوراتها العسكرية فيه أثار ريبة الناتو.
هذه العوامل جميعها تؤكد أن هناك مصلحة مشتركة للأتراك والحلف الأطلسي في إسقاط الطائرة الروسية في هذا التوقيت، كرد صريح على عدم رضاهم بما حدث في منتدى الدول المصدرة للغاز وتحركات روسيا بمنطقة الشرق الأوسط.

قد يعجبك ايضا