الحوار في ظل العدوان

 

ليس بحسب الجدل الجاري في الأوساط السياسية والإعلامية يتوقف بالتأكيد تحديد الموعد الزمني لإجراء مؤتمر حوار بين فرقاء العملية السياسية اليمنية المزمع عقده في جنيف, فتحديد الموعد بالضرورة يوجب تحديد ما الذي سيسفر عنه ذلك الحوار, لأن المؤتمر والتحديد كلاهما وسائل أولية وإجراءات تمهيدية نحو بلوغ الغاية المنشودة من خلال إنهاء العدوان السعود ي السافر وكذلك إنهاء الأزمة السياسية التي تمر بها اليمن، ما لم فإن الحوار إذا لم يكن مؤسساً على منطلقات واضحة وركائز محددة سيتحول إلى مهرجان سياسي يشبه سوق عكاظ لإلقاء الكلمات وإجراء التغطيات الإعلامية, وبالتالي فإن أساس المشكلة لا تكمن في تحديد موعد للحوار ولكن في مضمون ذلك الحوار.
وطبقاً لمفاهيم السياسة المعاصرة إذا لم يتحدد شروطه وأطرافه والأجواء الملائمة له فهو سلاح ذو حدين, إما أن يساعد على إنهاء العدوان والأزمة معاً- وذلك كما يرجى من الحوار وينظر إليه- وإما أن يساهم في تصعيد الأزمة وينقلها من المنطقة الساكنة إلى المنطقة الساخنة وذلك أمر لا يخدم اليمن بدرجة أساسية .
وما هو معروف بأن أي حوار تدفع به القوى الاقليمية والدولية فإن مصيره بالتأكيد الفشل، حيث لا يتوقف عند حدود ذلك الفشل فحسب, وإنما ينعكس بشكل سلبي ليتحول إلى إحدى أهم الأدوات لإنعاش الأزمة خصوصاً وأي حوار مهما كانت أطرافه وموضوعاته دائماً لضمان نجاحه لا يأتي من الأعلى الإقليمي والدولي إلا إذا كانت الإرادة الوطنية غائبة, فيلجأ ذلك الأعلى الإقليمي والدولي إلى تكريس أعلى درجات العمى السياسي بغية تمييع القضايا والإشكاليات القائمة من خلال إعادة طرح مشاريع لقوى الهيمنة تتضمن في جوهرها مشروع الحوار الوطني الذي دائماً ما يأتي ليس في سياق الفعل وإنما في إطار ردود الفعل على غرار الحالة الليبية .
وبالتالي فإن الحوارات التي تأتي كما أشرنا من الأعلى الإقليمي والدولي دائماً ما يعتريها الفشل وتتخلل نتائجها سلسلة من الأزمات المركبة خاصة في ظل ضبابية الرؤية والالتباس الذي يكتنف المحادثات المرتقبة, لأن نداء الخارج صار هو المهيمن عليها قبل انعقادها وهو ما يثير جملة من التساؤلات المشروعة بعيداً عن أي تفسيرات خاطئة كيف يتسنى لتلك المحادثات أن تنجح وأدوات التحكم قوى الخارج, مع أن المعلن والمطروح في سياق المضمون بأنها محادثات يمنية يمنية, فيما السائد أن الخارج هو من يحدد ويرسم طبيعة تلك المحادثات وكأنه حوار يدور ويجري بين قوى الهيمنة بالنيابة والوكالة عن اليمن واليمنيين, ولكي نكون واضحين فإن المقدمات الخاطئة لأي حوار يجعل من الخارج محوره ومضمونه لا يمكن أن يكتب له النجاح خاصة في ظل استمرار العدوان الهمجي على بلادنا.
لذلك كان الأجدر والأسلم بدلاً من إلقاء المهمة على الخارج ويأتي أولاً تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتحاورة ومن ثم الدخول في محادثات واقعية وعقلانية, لأن بدء الحوار بأشكال واقعية في إطار ساحة العمل الوطني أفضل وأنجح من أن يكون حواراً مطاطياً يكرس الهيمنة الخارجية على اليمن ويباعد بين الحلول والمعالجات فالحديث, عن حوار في ظل العدوان ليس إلا عملية عبثية لتضليل الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي .

قد يعجبك ايضا