تحقيق/ وائل شرحه
ليست قنبلة نووية.. ولا سلاح فتاك يمنع ويجرم استخدامه.. إنها ثلاثية مدمرة.. متواجدة في المنازل والأحياء.. كانت الدولة إلى وقت قريب تعاني من أحدها وتسعى لحلها.. لكنها تفاقمت وانتشرت في ظل العدوان الغاشم البربري الذي أثر سلباً على الوحدات والجهات المختصة بضبط هذه الأخطاء الفادحة.
الأسواق السوداء.. محطات الغاز غير المرخصة.. أسطوانات الغاز المنزلية التالفة.. ثلاثية فتاكة.. ساهم العدوان في انتشارها وتساهم الجهات المعنية في الوقت الراهن في ارتفاع نسبة خطورتها على المجتمع من خلال عدم وضع حد لها.
في السطور التالية نورد لكم تفاصيل هذه الثلاثية وكيف انتشرت ومن يقف وراء انتشارها وما الحلول للحد من كوارثها وخواطرها..؟ نتابع..
الأسواق السوداء لبيع المشتقات النفطية وهي أحد العناصر الخطيرة في الثلاثية.. انتشرت الأسواق السوداء في كافة أحياء وشوارع أمانة العاصمة منذ أن شرع العدوان السعودي حصاره الغاشم على اليمن ومنع دخول المشتقات النفطية.. وجدت هذه الأسواق فرصة للعمل والتوسع.. ووجد المواطن حاجته من المشتقات في هذه الأسواق بعد أن غابت عن المحطات الرسمية لبيعها..
ما جعل هذه الأسواق تشكل خطراً محدقاً على العاصمة.. هو غياب أدوات الأمن والسلامة التي بإمكانها الحد من كوارث وأخطار هذه الأسواق في حال حدوث الحرائق.. إذ نشبت الحرائق وتوسع اللهب في كثير من الشوارع المتواجدة فيها الأسواق السوداء.
الجهات المختصة لم تمنع وتضبط تلك الأسواق لأنها تجد فيها إيجابيات كثيرة تعود بها على المواطن الباحث عن لترات من البنزين لقضاء مشاويره الهامة في ظل عجزها التام على إدخال النفط بسبب الحصار المفروض من قبل العدوان.
الثلاثاء الماضي نشب حريق في سيارة نوع «ديانة» كان على متنها خزان وبراميل وقود في السوق السوداء بمنطقة «بيت بوس».. استغرق فريق الإطفاء بأمانة العاصمة ما يقارب ساعة كاملة لإخماد اللهب الذي خلف خسائر مادية تقدر بأكثر من 15 مليون ريال بحسب مدير عام الدفاع المدني بأمانة العاصمة العقيد عبد الكريم البخيتي.
قبل تلك الحادثة حصلت حادثة مماثلة وأبلغ من سابقتها بالسوق السوداء بجولة عمران وخلفت خسائر مادية تقدر بعشرات الملايين..
ويكشف العقيد البخيتي عن أن هناك ما يقارب عشرة أسواق سوداء تعرضت للحرائق في أمانة العاصمة.. مشدداً على ضرورة وضع حد لانتشار وتوسع الأسواق السوداء لبيع البنزين بشوارع الأمانة من قبل الجهات المختصة لما لها من خطورة كبيرة على العاصمة والسكان.
يقول العقيد البخيتي «اذا كان تواجد السوق السوداء يخفف من معاناة المواطنين بسبب الحصائر الجائر على الوطن, فلا بد أن تحدد الجهات المختصة أماكن محددة لتلك الأسواق بعيداً عن الازدحام والشوارع والأسواق الرئيسية مع وضع أدوات الأمن والسلامة التي تحد من الخسائر في حال وقوع حرائق لا سمح الله».
محطات الغاز
محطات تعبئة الغاز المنزلي بأمانة العاصمة, هي الثانية التي انتشرت في ظل الوضع الراهن وارتفع عددها بعيداً عن معايير وشروط الأمن والسلامة وبدون تراخيص رسمية من الجهات المعنية, ما يضع حياة سكان العاصمة في خطر وموت محقق..
هذه المشكلة كبيرة ولها أخطار عظيمة في حال عدم تداركها واتخاذ الإجراءات اللازمة والضرورية لحلها, لأنه وفي حال حدوث, لا سمح الله, أي انفجار لا سيما في استمرار قصف العدو على الأحياء السكنية ستخلف أضراراً بشرية ومادية هائلة..
وزارة الصناعة والتجارة حذرت من منح تصاريح إنشاء محطات لبيع الغاز المنزلي والسيارات دون استيفاء الشروط الفنية ومعايير الأمن و السلامة,
و دعا وكيل الوزارة لقطاع التجارة الداخلية عبدالله عبدالولي نعمان الجهات المختصة بوزارة النفط وأمانة العاصمة إلى تنسيق الجهود المشتركة مع وزارة الصناعة بما يضمن استيفاء محطات بيع الغاز التي بدأت في الانتشار في الشوارع العامة والأحياء السكنية للشروط الفنية ومعايير الأمن والسلامة لتفادي حدوث أي كوارث أو عواقب مستقبلية .
إصدار التصاريح بإنشاء محطات بيع الغاز موقف بناءً على قرار رئيس الوزراء عام 2012م.. وذلك نظراً للكم الهائل منها بأمانة العاصمة وعواصم المحافظات ولعدم التزامها بجودة المعايير الدولية وأدوات الأمن والسلامة..
على مدى ثلاثة أعوام ماضية لم يصدر أي تصريح رسمي من الجهات ذات العلاقة بإنشاء محطة غاز.. إلا أن هناك ما يقارب «350» محطة منتشرة بأمانة العاصمة لم تتمكن الجهات المعنية من ضبطها في ظل الوضع الراهن الذي تشهد فيه اليمن عدوان سعودي بربري, بالإضافة إلى أحداث 2013.
يحصل الراغب في إنشاء محطة غاز على تصريح رسمي من شركة الغاز ووزارة الأشغال ومصلحة الدفاع المدني.. بينما تشرف وزارة التجارة والصناعة على جودة المحطة ومعاييرها ان كانت تناسب وتوازي المعايير التجارية الدولية والسلامة.
وفي حال وجود هذا الكم من المحطات غير الرسمية يبقى السؤال من أين تحصل على الغاز..؟ لا سيما وأن النماذج المستخدمة في تقديم الخدمة بعد تشغيل المحطة بحسب شركة الغاز تقول « أولاً تحرير مذكرة من المحطة بطلب تحميل غاز بعد ذلك الحصول على أمر شحن تحميل وسند استلام لتنتهي العملية بفاتورة المبيعات».
وفي ظل تطبيق والتزام شركة الغاز بهذه اللوائح تظل أي محطة غير مرخص لها تبحث عن من يزودها بمادة الغاز.. لكن وبحسب مدير عام الإدارة الفنية بشركة الغاز احمد الحداد فإن هذه الشركات تحصل على الغاز من الأسواق السوداء.
يضيف مدير عام الإدارة الفنية بشركة الغاز احمد الحداد « تشكل هذه المحطات خطراً كبيراً على العاصمة وشكى لنا انتشارها عدد من المواطنين وبدورنا حررنا مذكرات للجهات المختصة بضبطها لكن لم يحدث شيء».
يؤكد الحداد بأن الوضع الراهن الذي تمر به البلاد يقف وراء انتشار هذه المحطات.. واصفها بـ «الأخطر» على العاصمة صنعاء من أي شيء آخر.
اللجنة العليا للطوارئ في أحد اجتماعاتها برئاسة العميد عبدالكريم معياد ـ القائم بأعمال رئيس مصلحة الدفاع المدني وبحضور عدد من ممثلي الوزارات أعضاء اللجنة, استمعت إلى تقرير وزارة الصناعة والتجارة حول انتشار محطات تعبئة الغاز وبشكل مخيف وبأعداد غير مدروسة وبدون تراخيص من أي جهة حكومية حيث تم رصد أكثر 300 محطة جديدة في أمانة العاصمة وحدها.
ووجهت لجنة الطوارئ بعد أن استمعت لتقرير وزارة الصناعة الجهات المعنية بضبط المحطات الغازية وإحالة أصحابها إلى الجهات المختصة.
رئيس لجنة الطوارئ القائم أعمال رئيس مصلحة الدفاع المدني العميد عبد الكريم معياد يؤكد بأن هذه المحطات تشكل قنابل موقوتة داخل العاصمة لا سيما في ظل العدوان الغاشم الذي لا يفرق بين المحطات النفطية والغازية إذ استهدف محطة الصالح للغاز المتواجدة بشارع عصر,ولولا, حد قوله, عناية الله ثم تدخل رجال الدفاع المدني لكان حدث ما لا يحمد عقباه من الخسائر البشرية والمادية.
يتوعد العميد معياد «بإغلاق المحطات غير الرسمية أو الرسمية من التي تشكل خطراً حقيقياً 100% على المواطنين, وتزويد المحطات الأقل خطراً بأدوات الأمن والسلامة بنسبة 200% للتخفيف من خطورتها على المجتمع»..مؤكداً بأن كل ما توفرت أدوات الأمن والسلامة بشكل أكثر كل ما كان الخطر أقل بكثير.
يكشف العميد معياد الإجراءات التي ستتخذها لجنة الطوارئ ومصلحة الدفاع المدني باتجاه المحطات التي لم تحصل على تراخيص رسمية إذ ستمنح تراخيص مزاولة لكل المحطات المستوفية لشروط البناء والموقع وأدوات الأمن والسلامة, بينما من لا ينطبق عليها بعض الشروط, لكن المحطة والمربع المتواجدة فيه بحاجة إلى بقائها وتشكل أقل خطورة أو نسبة معينة من الخطورة سيلزم أصحابها بتوفير وسائل الأمن والسلامة والمطلوبة وفق اللائحة وإضافة كمية مماثلة منها لمواجهة أي أخطار ومنحها تراخيص بعد ذلك, بينما المحطات التي تشكل خطراً كبيراً ولا يمكن معالجتها سيتم إغلاقها أو نقلها إلى مواقع أخرى.
يؤكد رئيس لجنة الطوارئ القائم بأعمال رئيس مصلحة الدفاع المدني على إعداد لجنة الأمن والسلامة لائحة تنظم تراخيص محطات الغاز والتي حددت ثلاث جهات خاصة بإصدارها وهي, بحسب قوله «شركة الغاز, وزارة الأشغال, مصلحة الدفاع المدني».. منوهاً بأن اللائحة في إطارها النهائي وسترفع لوزير الداخلية في القريب لإقرارها.
يهيب العميد معياد بأصحاب المحطات التي لا تزال مستمرة في مد المواطنين بمادة الغاز, بتكثيف كميات وأدوات الأمن والسلامة بما يخفض أخطارها لا سيما في ظل العدوان القائم على الوطن.. موضحاً بأن مصلحة الدفاع المدني لم تجد الوقت لوقف هذه المخالفات نظراً للأزمات المتعاقبة منذ 2011م على وطننا آخرها العدوان البربري الراهن.
يذكر بأن هناك أكثر من 500 محطة غاز متنقلة تم استيرادها في 2011م من تركيا وبأسعار رخيصة وهي غير آمنة ولا ينطبق عليها المعايير والمقاييس والجودة والأمن والسلامة.. ما يزيد الطين بلة.
أسطوانات الغاز
بحسب إحصائية سابقة لشركة الغاز فإن لدينا أكثر من أربعة مليون أسطوانة غاز تالفة وبحاجة بعضها إلى صيانة والبعض لم تعد صالحة للاستخدام وكذا الصيانة.. كانت الشركة تقوم بصيانة ما يقارب 11 ألف أسطوانة شهرياً وكذا استيراد ما يقارب 8 ألف أسطوانة واستبدالها بالتالف شهرياً.. ليصل إجمالي المعاد صيانتها والمستوردة بالسنة ما يقارب 300 ألف أسطوانة.. لكن وبحسب مصدر بشركة الغاز أن إعادة صيانة واستيراد الأسطوانات موقف حالياً بسبب الظروف التي يمر بها الوطن.
وفي ظل وجود هذه المشاكل التي أقل وصف في حقها «كارثة» وعدم وجود حلول فورية وعاجلة من قبل الجهات المختصة تكون العاصمة صنعاء تحت رحمة هذه الثلاثية القاتلة وستكون مهددة بالدمار في أي لحظة.