إنّ موضوع الهمز واللمز، قد تناوله الكثير من العلماء في الفقه، تارة للتوضيح وتارة للنهي عنه وذكر مساوئ هذه الحركات والأفعال الكريهة، وقد جاء بأنّ الهمز هو أن يقوم الشخص بالاستهزاء وإعابتك وجهاً لوجه معك، أمّا اللمز فهو أن يقوم الشخص بالاستهزاء وبإعابتك في الخفاء عنك أي أثناء غيبتك، وقد وضّح أحدهم أنّ اللمز عادة ما يكون عن طريق اللسان حيث النطق بالاستهزاء إضافة إلى حركة في العين للإشارة إليك، أمّا الهمز فهو عادة ما يكون في اللسان فقط بكلام منطوق أو بصوت مصاحب . وقد جاء في كتاب للمبرد أنّ الهمزّ هو قول فيه قبح يكاد لا يسمع، أمّا اللمز فهو قول فيه قبح ولكن في جهارة، وقد قيل أيضاً أنّ الهمزات من أفعال الشيطان لقوله تعالى ( هزات الشياطين)، إذ لم تأتِ (لمزات الشياطين) وهذا يدلّ على أنّ مكائد الشيطان وأفعاله خفية ، تكون على شكل همزات وليست لمزات . وجاء على لسان الرّازي حينما أراد التوضيح عن الفرق بين الهمز واللمز ، فقال إنّهما يتشابهان في المعنى وما اللمز إلاّ هي تأكيد للهمز ، وأوضح أنّ الهمز يكون المغتاب وأما اللمز يكون النمام، وأيضاً قال أنّ من يعيب في الوجه فهو هامز، ومن يعيب في القفا فهو اللامز، وذكر أنّ الذي يطعن في الناس هو الهامز، والذي يطعن في الناس وأنسابهم فهو اللامز، وأكّد على أنّ الهمز هو كل ما يأتي بفعل العين، أمّا اللمز فهو كل ما يأتي بفعل اللسان. وبالتالي فإنّ كل ما من شأنه الوقيعة فيما بين الناس أو ذكر لعيوب البعض عن طريق الغمز فهو يعتبر همزاً، حيث جاء بقوله تعالى ( همَّازٍ مشاء بنميمٍ )، وأمّا العيّاب على الناس بكلامٍ فهو يعتبر لمزاً. وقد أوضح آخرون أنّ يقوم بإشارة في رأسه، ومومئاً بعينه، وهو يعيب جليسه، فهذه تكون لمزة ، أمّا من يقوم بنطق ألفاظ مؤذية للجليس فهذه تكون همزة . وقد اعتبر الله تعالى كلّ من الهمز واللمز بمعنى واحدٍ حيث جاء ( ويلٌ لكلِّ هُمزَةٍ لُمزةٍ )، ليبيّن لنا تعالى بأن الفعلين لهما نفس الإدانة والويل .